الجمعة، 5 أكتوبر 2012

«رسائل الجوال الإخبارية».. منافسة حامية لكي تكون أول من يعرف الخبر

متابعات إعلامية:


ظهر الهاتف الجوال كلاعب رئيسي في ثورات الربيع العربي، كونه أداة فعالة تحقق التواصل بين المتظاهرين والنشطاء ووسائل الإعلام، وأداة إعلامية رئيسية يعتمد عليها الصحافي متحديا الزمن في نقل الأخبار والصور ومقاطع الفيديو.
وتلقى خدمة الأخبار العاجلة عبر الرسائل القصيرة sms على الهواتف الجوالة إقبالا واسعا في مصر بشكل خاص بعد ثورة 25 يناير. ومع تلاحق الأحداث وسخونتها وتعالي وتيرتها بشكل يومي؛ ظهرت الحاجة إلى متابعة كل جديد يقع، مما جعل الاشتراك في خدمة الرسائل الإخبارية القصيرة التي تقدمها القنوات الفضائية والصحف بمثابة صرعة وملاذ لدى الجماهير للحاق بأحدث الأخبار والتطورات السياسية التي أنتجها الربيع العربي، بل إن العديد من الصحف قدمت عروض اشتراك مجانية للجمهور لتشبع نهمهم في أن يكون أول من يعرف الخبر.
وتشير أحدث الإحصائيات في مصر إلى أن عدد المشتركين في خدمة الرسائل القصيرة قد بلغ مليونا و500 ألف مشترك يتوزعون على مقدمي الخدمة سواء قنوات فضائية أو صحف.
«الشرق الأوسط» استطلعت آراء المسؤولين في الصحف المصرية حول مدى الإقبال الجماهيري على هذه الخدمة خاصة بعد الثورة، وجدواها للجريدة وما تتطلبه من فريق إعلامي محترف لنقل الأخبار بسرعة ودقة وإيجاز، وما هي العوائق التي تواجهها، وكيف يرون مستقبلها.
يرى خالد صلاح، رئيس تحرير صحيفة «اليوم السابع»، أن الرسائل الإخبارية القصيرة مقدمة ليكون الهاتف الجوال صانعا ولاعبا رئيسيا في تطور مهنة الصحافة في مصر والعالم. ويقول: «خدمة الرسائل القصيرة منافسة للصفحات الأولى كرقم صعب في معادلة الإعلام الجديد، وأعتقد أن الأجيال الجديدة من الهواتف الجوالة ستنافس الفضائيات والصحف كوسيط إعلامي متميز».
وتعد تجربة صحيفة اليوم السابع التي ولدت إلكترونية ثم تحولت إلى مطبوعة أسبوعية ثم يومية، الأطول باعا مع الرسائل الإخبارية القصيرة، وهو ما يلفت إليه رئيس تحريرها بالقول: «بدأنا التجربة منذ عامين ولم نكن نتوقع الإقبال عليها خاصة أن تكلفتها شهريا 7 جنيهات وربما يعتبرها البعض ترفع من قيمة الفاتورة، ولكن مع أول 3 أشهر من تشغيل الخدمة زاد عدد المشتركين من 120 إلى 140 ألفا، أغلبهم من القاهرة. ومع تطور الأحداث في مصر زادت نسبة الاشتراكات بشكل كبير». لافتا إلى أن خدمة الرسائل لا تحقق أرباحا كبيرة للصحيفة لأن هناك شريكين آخرين لها في الخدمة، هما شبكة الجوال والشركات الوسيطة التي تقدم الخدمة.
يتابع: «تلك الرسائل تحتاج فقط إلى فريق صحافي عالي المهنية، أما آلية الخبر فموجودة ولكنها تتم عن طريق صحافي ميداني وآخر في الجريدة، وقد نشطنا بعض العناصر التي تستقبل الأخبار In take reporter وهم المنوطون بالتواصل مع المحررين، كما أنهم المسؤولون عن تمريرها بسرعة لمدير التحرير المسؤول لينتقي أكثرها أهمية، لذا فإنتاجها لا يكلف الجريدة الكثير».
ويلفت صلاح إلى أن المشكلة التي تقف عائقا في طريق تلك الوسيلة الإعلامية أن الصحف تكون محددة بتوقيت معين حتى التاسعة مساءً وأحيانا تمدها شركات الاتصالات في الظروف الطارئة إلى منتصف الليل، كما أنهم ملزمون بعدد معين من الرسائل وهو 5 رسائل يوميا، وهو ما لم يعد يستوعب طوفان الأخبار التي تنتجها الأحداث المتواترة في مصر والعالم العربي.
أما أحمد بدير، مدير عام دار الشروق التي تصدر عنها مطبوعتان يوميتان هما صحيفتا «الشروق» و«التحرير»، فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر أن خدمة الرسائل القصيرة وسيطا إعلاميا يتساوى مع الوسائط الأخرى، ولا أعتقد أنها تنافس الإنترنت لأننا دائما موصولون بها طوال اليوم ولكنها مفيدة في حالة عدم الاتصال بالإنترنت، فيلجأ البعض للذهاب للخبر واستقباله بطرق أخرى ومنها تلك الوسيلة».
ويؤكد «لدينا 200 ألف مشترك على (تويتر) و350 ألفا على (فيس بوك)، ورغم ذلك فإن الإقبال على الاشتراك في تلك الخدمة في زيادة مستمرة، وقد تم إطلاقها في صحيفة (الشروق) أولا في سبتمبر (أيلول) الماضي ثم في صحيفة (التحرير) بعدها بشهرين وهي تعمل في مصر وقطر والإمارات».
واعتبر بدير أن الإعلام المصري تأخر كثيرا في إدخال تلك الخدمة التي كانت متوفرة في السوق المصرية منذ عام 1998 حينما بدأت أول شركة عالمية في مجال الاتصالات في مصر إدخال خدمة الهواتف الجوالة».
ويتفق بدير مع الرأي السابق بأن عدد الرسائل غير كاف لملاحقة الأحداث، ويؤكد أن تلك الخدمة تتطلب فريق عمل عالي الحرفية في إنتاج الأخبار واختصارها لـ70 حرفا، كل ذلك في فترة زمنية لا تزيد على 10 دقائق هي دورة الخبر منذ أن يلتقطه الصحافي وحتى إرساله عبر رسالة قصيرة. لكن المشكلة والعائق الأساسي في وجه تلك الخدمة من وجهة نظره هو مشغل الخدمة، ففي كثير من الأحيان تتأخر الرسائل الإخبارية في الوصول لمستلمها مما يفقدها قيمتها كخدمة عاجلة.
أما عبد الحكيم الأسواني، نائب رئيس تحرير صحيفة «المصري اليوم»، فيقول: «أطلقنا خدمة الرسائل القصيرة منذ 5 سنوات إلا أنها اكتسبت أهميتها بعد ثورة 25 يناير، حيث أصبح عدد المشتركين يقدر بالآلاف وليس بالمئات، وأصبحت دليلا على متابعة المصريين للأخبار لحظة وقوعها ومنها أطلقت عليها خدمة الأخبار العاجلة، وقد بدأت كتقليد للمؤسسات الإعلامية الغربية التي تؤمن بأن الصحيفة ليست مطبوعة فقط ولكن تتعامل مع محتوى تتنوع صوره، يمكن أن يكون مطبوعا أو مسموعا أو مذاعا لذا فهي أداة من أدوات المؤسسة الإعلامية».
ويشير الأسواني إلى أن عدد المشتركين في مصر وفقا لأحدث دراسة سوق قد بلغ مليونا و500 ألف مشترك يتوزعون على مقدمي الخدمة سواء قنوات أو صحف، من بينها مؤسسات عربية أو مصرية، أبرزها «المصري اليوم» و«الأهرام» و«اليوم السابع» و«الشروق»، بالإضافة إلى المحطات التلفزيونية ومنها «الجزيرة» و«العربية» و«بي بي سي»، مؤكدا أن صحيفته تستحوذ على ربع عدد المشتركين في مصر. وأن 90 في المائة من المشتركين يستقبلون الأخبار ذات الطابع السياسي والنسبة الباقية تستقبل الأخبار الرياضية.
ويوضح الأسواني أن تقديم خدمة الرسائل العاجلة يتطلب تنسيق المؤسسة الصحافية مع شركة الجوال لتخصيص رقم مختصر الذي يطلبه الراغب في الاشتراك، معتبرا أنها موردا لا بأس به لأي مؤسسة إعلامية سواء مرئية أو مطبوعة لأنها لا تكلفها الكثير، خاصة أن مفهوم الصحافي في المؤسسة الصحافية الحديثة قد تغير فهو يكتب الموضوع ويقدم خبرا مدققا لخدمة sms كما يكتب للموقع الإلكتروني ويراسل التلفزيون والإذاعة باعتباره في موقع الحدث، وما يختلف فقط هو شكل وهيئة الخبر فهو 70 كلمة للرسالة، و150 كلمة للموقع وتختلف المعالجة بالطبع وفقا لطبيعة كل وسيلة.
ويفسر الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز تزايد الطلب والإقبال على تلك الخدمة قائلا: «كلما اشتدت حالات التوتر في المجتمع وتسارعت التطورات السياسية، زاد الطلب على الأخبار، والحالة الراهنة التي تشهدها مصر تمثل بيئة خاصة لزيادة الطلب على الأخبار بسبب رغبة الجمهور العارمة في استجلاء الغموض وبناء السياسة واتخاذ القرارات حيال الأحداث المصيرية».
ويرى أن قدرا كبيرا من الراغبين في الحصول على خدمة الأخبار عبر الهاتف الجوال تتعلق برغبتهم في الحصول على معلومات تتصل ببيئة السياسة خاصة الآن، وهناك عامل آخر يخص الجانب الشرقي في الشخصية المصرية والعربية يتلخص في الإحساس بالأهمية، فالكثير من مشتركيها يتعاطون مع الخدمة على أنها أحد عناصر «الوجاهة الاجتماعية»، باعتبار أنها خدمة شخصية لهم، وهو الأمر الذي يرى أنه سيعزز فرص انتشار وازدهار هذا القطاع الإعلامي.
ويرى عبد العزيز أن الهاتف الجوال يقدم إمكانيات فريدة لصناعة الأخبار مع وجود 71 مليون خط مفّعل في مصر. ويضيف: «هؤلاء جميعا حريصون على تلقي الرسائل الإخبارية الآنية لملاحقة التطورات اللاهثة، ولكن هنا تنشأ عدد من المشكلات، الأولى تقنية، حيث إن أنظمة الخدمة (الشبكات المصرية) غير متكيفة مع فكرة الإرسال الفوري لذلك تصل بعض الرسائل متأخرة بساعات، والثانية المشكلات المهنية التي تتعلق بأن المفهوم ما زال غائبا لدى قطاع كبير من المهنيين حيث يجدون صعوبات في انتقاء الأخبار ناهيك عن مشكلات الدقة في الصياغة».
ويرى الخبير الإعلامي أن جو المنافسة في الرسائل أكثر سخونة من الوسائط الأخرى، مؤكدا أن الاستثمار في مجال الرسائل يعد ذا عائد كبير وسريع، وعدم اهتمام المؤسسات الإعلامية المصرية بهذا الوسيط وعدم الاهتمام برفع دقته ودقة أدائه قد يكبدها خسائر كبيرة. لافتا إلى أن كثيرا من الاستراتيجيات التي توضع في بيوت إعلامية عالمية الآن تخصص مساحة ليست قليلة لتطبيقات الهواتف الجوالة، والمجتمع المصري ما زال يتعامل مع هذا الوسيط المنطوي على إمكانيات ضخمة بعدم اكتراث وبقدر أقل مما يجب.
 الشرق الاوسط

تلفزيون الصين العظيم .. 3 آلاف قناة و1.5 مليار مشاهد

متابعات إعلامية


فكرة وانغ بيجي لما سيكون عليه شكل البرنامج الذي بات مثار الأحاديث في الصين بسيطة، وهي تسليط الضوء على النماذج الشابة المشرقة على خشبة المسرح وسط موسيقى البوب وتصفيق الجمهور. كان الرجال يتفاخرون بحساباتهم المصرفية والمنازل والسيارات الفارهة، بينما ترتدي النساء الرشيقات ملابس فخمة. ويختلط مع المزاح قضايا اجتماعية هامة وحساسة يتحدث بشأنها الصينيون في المدن والذين تتراوح أعمارهم بين العشرينيات والأربعينيات وإن لم يكن ذلك علنا منها السعي المحموم وراء الثروة وسياسة الطفل الواحد التي تتبعها الصين. ويقول وانغ، أحد المنتجين القدامى في التلفزيون: «يمكنك معرفة فيم تفكر الصين وما تتطلع إليه من خلال هذا البرنامج». اسم البرنامج هو «إيف يو أر ذا وان» أو «إذا كنت المختار» وقد حظي بنسبة مشاهدة عالية خلال النصف الأول من عام 2010. وانضم إلى متابعته أكثر من 50 مليون شخص. أصبح المتسابقون هم مصدر الإثارة، حيث رفضت إحدى الممثلات الصاعدات رجلا يعرض عليها جولة بالدراجة، قائلة: «أفضل ركوب سيارة (بي إم دابليو)». جذب البرنامج اهتمام الصينيين في الخارج وبعضهم من الطلبة الذين يدرسون في الولايات المتحدة ويقيمون في مساكن الطلبة، حتى إنهم كانوا يسجلون نسخا خاصة بهم. لقد عزز هذا البرنامج التأثير الثقافي للصين وهو ما يتطلع إليه قادة الدولة. مع ذلك، أثبتت التجربة أن واقعية تلفزيون الواقع أكبر من أن يحتملها الرقيب، الذي هدد بعد أن انزعج من تصوير الشباب الصيني وانتشار البرامج التي تحاكي أفكارا موجودة، بإلغاء البرنامج.
لقد تسابق المنتجون على إصلاح البرنامج، حيث استعانوا بمتسابقين قدامى ومذيع ثالث وهو أستاذ شرفي من مدرسة تابعة للحزب الشيوعي. وقال وانغ البالغ من العمر 45 عاما بينما تومض شاشات التلفزيون خلفه في غرفة التحكم في إقليم جيانغسو: «فُرضت المزيد من القيود على حرية التعبير في البرنامج منها حذف الملاحظات التي يمكن أن تحدث تأثيرا سلبيا على المجتمع».
ووضع المنظمون سياسة شاملة من المقرر أن تفعّل يوم الأحد ومن شأنها أن تلغي عددا كبيرا من البرامج الترفيهية التي تُعرض على التلفزيون خلال الأوقات التي بها أعلى نسبة مشاهدة. وقد أوضحت السلطات أن التوجهات التي أثارتها برامج مثل «إذا كنت المختار» وبرنامج المواهب «سوبر غيرل» أو «الفتاة الخارقة» تجاوزت كل الحدود مما دفعها إلى التصدي لما سمته بـ«الترفيه الزائد عن الحد».
يمكن أن يؤدي برنامج إلى مواجهة التلفزيون لأكبر حركة تنكيل منذ سنوات وهو ما يوضح زيادة توتر سلطة الحزب الشيوعي على مجال الترفيه.
وقد ظل الحزب الشيوعي لعقود يدفع المحطات التلفزيونية نحو السوق، لكن تزايد خوف القيادات المحافظة من البرامج التي تدغدغ مشاعر المشاهدين وترسم وتعكس صورة عالمية خارج سيطرة الدولة.
في النهاية للتلفزيون وضع هام وسط ترسانة الإعلام الحكومي، حيث يبلغ عدد مشاهديه 1,2 مليار ويضم أكثر من 3 آلاف قناة مما يجعله أهم وسيلة دعاية يستخدمها الحزب سواء كان هذا من خلال نشرة الأخبار المسائية أو المسلسلات الدرامية التاريخية الوقورة. وقال ين هونغ، الأستاذ بجامعة تسينغوا: «لقد نشب صراع بين من يدفع باتجاه بناء صناعة تجارية وبين من يتساءل عما إذا كان هذا سيؤدي إلى تدهور كامل في الثقافة والأخلاق».
تعريف الحزب لـ«البرامج الترفيهية» هي تلك التي تتضمن برامج مسابقات ومواعدة وبرامج حوارية تستضيف المشاهير. وكما هو الحال في الغرب، تكلفة إنتاج مثل هذا النوع من البرامج منخفضة، بينما تحصل على نسبة مشاهدة عالية وتحقق عائدات مرتفعة من الإعلانات وهو ما أمر ضروري نظرا لعدم حصول تلك المحطات على الكثير من الدعم المالي الحكومي.
وطبقا للقوانين الجديدة التي أُعلن عنها في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، اضطر المسؤولون التنفيذيون والمنتجون في 34 محطة تلفزيونية فضائية في مختلف أنحاء الصين لإلغاء الكثير من البرامج الترفيهية من الخريطة للحد مما وصفه المنظمون بـ«التوجهات الوقحة». وتعد هذه الإجراءات محاولة جديدة من قبل الرئيس الصيني هو جنتاو للسيطرة على الحياة الثقافية والتي تشمل الأفلام والنشر والإنترنت وفنون الأداء.
وأصدر المنظمون كتيبات إرشادية بعد أن جعلت اللجنة المركزية للحزب الثقافة والأيديولوجية محور اجتماع شهر أكتوبر. وقال ين، الذي نصح المسؤولين خلال الجلسات التحضيرية للاجتماع، إن القيادات يعتزمون إصدار ورقة تدفع المجالات الثقافية نحو الاقتراب من السوق. مع ذلك، قال إن كبار المسؤولين الذين بدأوا في هذا الأمر منذ ستة أشهر يشعرون بالقلق على «أخلاق المجتمع»، لذا وجهوا سياستهم نحو السيطرة على الثقافة. أما من جهة التلفزيون على وجه التحديد، فقد قال: «يشكو الكثير من الرفقاء القدامى من البرامج الترفيهية وتأليه المشاهير».
وطبقا للقوانين الجديدة، يحق لكل محطة تلفزيونية أن تبث برنامجين ترفيهيين فقط أسبوعيا خلال الوقت الذي به أعلى نسبة مشاهدة. ولا يمكن عرض سوى تسعة برامج ليلا على مستوى الدولة بعد أن كان العدد رسميا خلال الخريف الحالي 126. وسوف تحدد لجنة من المنظمين البرامج التي ستعرض إذا لم تفعل المحطات. ويجب أن تحظى أي أفكار لبرامج جديدة بموافقة الرقباء. والمتوقع أن تزيد القنوات الفضائية البرامج الإخبارية وتعرض على الأقل برنامج يروج للقيم الصينية التقليدية والنظام الاشتراكي. ولا تخجل الهيئة التي تنظم هذا المجال وهي هيئة الإذاعة والأفلام والتلفزيون الدولية من فرض قيود على الدراما أيضا، فخلال العام الماضي، عبرت عن رفضها لمسلسلات التجسس وبرامج الرحلات. في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، فاجأت المجال من خلال حظر عرض إعلانات أثناء فترة عرض المسلسلات بداية من يناير (كانون الثاني). وقال مصدر مطلع رفض ذكر اسمه: «تحاول الهيئة إعادة رؤساء القنوات التلفزيونية إلى جذورهم. ما هي تلك الجذور؟ إن التلفزيون يفترض أن يكون الناطق باسم الحزب في الدولة. ويفترض أن تركز على الدعاية لا المحتوى الحسي».
دور المال ليست السيطرة على التلفزيون أمرا يتعلق بالأيديولوجية فحسب، لكنه مرتبط أيضا بأموال الإعلانات على حد زعم العاملين في هذا المجال. المسؤولون في الهيئة مقربون من المسؤولين في التلفزيون المركزي الصيني المملوك للدولة والذي يعد الأكبر في البلاد. لا يزال التلفزيون المركزي يهيمن على الصناعة، لكنه تنازل عن حصة من السوق للمحطات الفضائية المحلية لأنها تنتج برامج ترفيهية مشهورة.
وهناك ما يشبه النفق بين هيئة التلفزيون المركزي وهيئة الإذاعة والأفلام والتلفزيون، حيث تولى نائب الوزير السابق لهيئة الإذاعة، هو زانفان، منصب رئيس التلفزيون المركزي. وحول التلفزيون جزءا من عائداتها السنوية إلى هيئة الإذاعة، وكذلك منحها 675 مليون دولار في الفترة من 2001 إلى 2005، بحسب إحصاءات التلفزيون المركزي الصيني. على الجانب الآخر، تحول المحطات المحلية عائدات إلى السلطات المحلية التي ليس لديها ما يدفعها نحو ممارسة الرقابة على البرامج الناجحة.
من أهداف الحملة التي شنتها هيئة الإذاعة ضد البرامج الترفيهية إثراء التلفزيون المركزي على حد قول مراقبين في هذا المجال. ربما قطف التلفزيون بالفعل ثمار الإعلان عن النظام الجديد في أكتوبر، ففي 7 نوفمبر خلال المزاد السنوي للمساحات الإعلانية لعام 2012، حقق التلفزيون أرباحا قدرها 2.2 مليار دولار بزيادة 12,5 في المائة عن العام السابق. ولم يجب أي من مسؤولي هيئة الإذاعة والتلفزيون المركزي عن طلبات كثيرة لإجراء مقابلة.
مع ذلك يمكن أن يأتي هذا بنتائج عكسية، حيث يقول بعض المحللين إنه كلما زادت القيود على التلفزيون، زاد عدد المشاهدين الذين سيلجأون إلى الإنترنت سعيا وراء هذه البرامج وهو نطاق لا تحكم الهيئة السيطرة عليه. وقد تراجعت نسبة مشاهدة برنامج «إذا كنت المختار» بعد تدخل الرقباء وإجبارهم مسؤولي القناة على تغيير شكله العام الماضي. مع ذلك توصل وانغ وفريق عمله إلى طرق للحفاظ على نسبة المشاهدة المرتفعة للبرنامج. عندما أقامت المحطة الأم «جيانغسو ستالايت تليفيجين» مزاد المساحات الإعلانية في نوفمبر، حصل برنامج «إذا كنت المختار» على 82 في المائة من إجمالي عائدات المحطة التي تقدر بـ345 مليون دولار. تريد محطة «جيانغسو» من الرقباء السماح بعرض البرنامج الذي مدته 90 دقيقة يومي السبت والأحد في الوقت الذي يحظى فيه بأعلى نسبة مشاهدة. وتخفض المحطة عدد البرامج الترفيهية بمقدار النصف على حد قول وانغ وتطور برامج تروج «للاستقرار الاجتماعي». مع ذلك يتساءل البعض عما إذا كان الرقباء سوف يبدون مرونة تجاه هذا الأمر.
ونشرت صحيفة «بيبولز ديلي» الناطقة باسم الحزب تعليق في أكتوبر ينتقد التأثير السلبي للبرنامجين. أحد البرنامجين هو «الفتاة الخارقة» وهو برنامج لتقديم المواهب عوقب كثيرًا بسب «وقاحته» منذ ظهوره على شاشة «هونان ستالايت تليفيجين» عام 2004. وتم إيقاف البرنامج في سبتمبر (أيلول). أما البرنامج الثاني فهو «إذا كنت المختار». وجاء في المقال: «تسعى بعض البرامج إلى التجديد، وتعتمد على التلصص على خصوصية الآخرين من أجل ذلك الهدف. إنهم يثيرون عبيد المال مما أشعل غضب الجمهور».
صدام أفكار وتغير مسار الحديث نحو أحجام أرجل النساء، حيث سألت إحدى المتسابقات وتدعى زو تنغاي، وهي أم عزباء قائلة: «هل تفضل الرجل الصغيرة أم المتوسطة؟». وقال وانغ: «أنا أسف لا أعلم حقًا الفرق بين الاثنين». ودخل مينغ فين مقدم البرنامج الرئيسي في الحوار وتساءل: «هل تسألك ما إذا كنت تفضل الرجل الصغيرة والمتوسطة؟»، فأجابت السيدة زو: «لم أسأله عن الاثنين معا؟» لينفجر الحضور في موجة من الضحك والتصفيق الحاد، لكن تم اقتطاع ذلك الجزء من الحلقة التي بُثت على الهواء في 12 نوفمبر.
وكان الحوار الساخن من السمات المميزة للبرنامج، وكان أهم أهدافه زيادة هامش حرية مناقشة الموضوعات على شاشة التلفزيون الصيني قدر الإمكان. وقال وانغ: «لقد كنا نأمل أن يحدث صدام بين الأفكار». وكان البرنامج محور الحديث بين وانغ وزينغ وينينغ، الذي يعمل حاليًا في مؤسسة «هيرست». في خريف عام 2009 كان زينغ وهو خريج جامعتي هارفارد وكولومبيا، يعمل لدى «فريمانتل ميديا»، التي يمتلكها بيرتلسمان، وكانت مهمته إقناع محطات التلفزيون الصينية وشركات الإنتاج بشراء حقوق بث برامج تلفزيونية أجنبية. وكان أحد برامج «فريمانتفل ميديا» «اخرج معي» وهو برنامج مواعدة شهير في بريطانيا. تواصل زينغ مع أكثر محطتين إقداما على المغامرة وهما «هونان» و«جيانغسو». كان لوانغ شعبية في «جيانغسو»، فقد عمل في المحطة منذ نهاية الثمانينيات وشهد تحولا في الصناعة. وتأسست المحطة التلفزيونية الفضائية عام 1997 وسمحت لبعض المحطات الإقليمية بالبث على نطاق محلي ومنافسة التلفزيون المركزي على أموال الإعلانات. وزاد التلفزيون المركزي والمحطات الإقليمية إنتاج البرامج الترفيهية في ذلك الوقت تقريبا.
وقال وانغ: «المنافسة بين المحطات الهامة شرسة». وأضاف أنه أراد برنامج مواعدة جديد يقوم على استغلال فكرة «الفتيات المثقفات اللاتي يضعن معايير مرتفعة في عملية اختيار شريك الحياة» والفتيان الذين يقومون بالمثل والأشخاص الذي يركزون على عملهم ولا يوجد لديهم شريك وهو موضوع ساخن في الصين. سيكون هذا البرنامج أيضا نافذة على حياة «الجيل الثاني الثري» أبناء المال الجديد في الصين. وهزمت محطة «هونان» محطة «جيانغسو» في المزاد على برنامج «اخرج معي»، لكن وانغ أنتج برنامجه الخاص الذي أرادت شركة «يونيليفر» رعايته. ويشارك في البرنامج أربع وعشرون سيدة يقفن وراء منصات ذات إضاءة شديدة ويمطرون الرجال بأسئلة كثيرة، بينما يدير مينغ، المذيع الأصلع اللمّاح ومقدم نشرة الأخبار، الحوار، ويعاونه لي جيا، المذيع الأصغر سنا والأكثر نحافة، لكنه أصلع أيضا ويقوم بدور المحلل النفسي.
أذيعت الحلقة الأولى من البرنامج في 25 يناير (كانون الثاني) 2010. وقال أول متنافس ويدعى زانغ سيونغزيانغ البالغ من العمر 23 عامًا: «أي امرأة تخرج معي لن تحمل هموم الحياة». وكان والده يدير مصنعا يعمل به أكثر من ألف عامل، ويزهو بشقته وسيارته البيضاء وصفوف ملابسه من خلال المقطع المصور. واستعرض متسابقون آخرون دخولهم المرتفعة من خلال رسوم الغرافيك في المقاطع المصورة. في جزء لاحق من الحلقة، أدت متسابقة ترتدي حذاء أحمر ذا عنق من الفينيل وفستان أسود ضيق رقصة جريئة على كرسي. مع ذلك عرفت القضايا الجادة طريقها إلى البرنامج، حيث سألت السيدات زانغ عن سبب التمسك بعقلية إنجاب الذكور. وقال وانغ: «يتمتع الشباب هذه الأيام بالجرأة الكافية للتعبير عن أنفسهم. لا يمكنك أن تكون صادقا إن لم تكن تجرؤ على التعبير عن نفسك».
زادت سوء سمعة البرنامج بعد رفض إحدى المتسابقات وتدعى ما نو رجلا من خلال الإشارة إلى تأوهها في سيارة «بي إم دابليو».
وتلقت آلاف الرسائل من معجبين ومنتقدين على حد سواء. وقال المؤيدون إنها كانت تعبر فقط عن فكر الكثير من السيدات. وقالت ما البالغة من العمر 23 عاما في مقابلة إن المنتجين أخبروا المتسابقات بضرورة عدم الحفاظ على كرامة المتسابقين الرجال. وبعد التعليق الخاص بالسيارة «بي إم دابليو» الذي جعلهم يدركون صراحتي أرادوا مني أن أقول الكثير من الأمور المثيرة للجدل.
في حلقة أخرى، رفضت زو زينفانغ عريس وقالت إن أي رجل يريد أن يصافحها عليه أن يدفع 200 ألف رينمبي أو ما يعادل 32 ألف دولار لأن «على صديقها الحصول على راتب شهري قدره 200 ألف». وتصدرت متسابقة أخرى تدعى يان فينجياو عناوين الصحف عندما ظهرت صورها وهي عارية على الإنترنت.
زاد إقبال المشاهدين على البرنامج، ففي مايو (أيار) 2010، احتل المركز الثاني من حيث نسبة المشاهدة بعد الأخبار المسائية على التلفزيون المركزي التي على جميع المحطات التلفزيونية الفضائية نقلها. وانتقدت صحيفة «تشاينا ديلي» البرنامج واصفة إياه بـ«الغامض أخلاقيا والصادم بصريا». لقد انتشرت برامج لا تسر الرقباء، ففي يونيو (تموز)، تم استدعاء كل من رئيس محطة «جينساو» ورئيس محطة «هونان» إلى اجتماع مع مسؤولين في هيئة الإذاعة والأفلام والتلفزيون. وقال مصدر مطلع على الاجتماع: «لقد كانوا قاسين». وكانت الرسالة بسيطة وهي تخفيف حدة الجرأة في البرامج وإلا فسوف يتم إلغاؤها.
* خدمة «نيويورك تايمز»