الجمعة، 14 ديسمبر 2012

الإعلام الليبي والبحث عن تقنيات جديدة لتعويض 42 عاما من الإنغلاق .. اندماج بين صحف ورقية ومواقع الكترونية تدخل المنافسة

متابعات إعلامية / طرابلس



بعد 42 عاما من حكم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، عاد الإعلام الليبي إلى العمل بحرية على الساحة السياسية المضطربة في البلاد، وظهر ألوف الصحافيين ومئات الصحف، لكن في كل مكان من هذه الدولة الصحراوية مترامية الأطراف، تجد شبانا ممن انخرطوا في العمل الصحافي، يلهثون لتعويض ما فات من عقود الكبت والانغلاق، ويبحثون عن تقنيات جديدة لتعويض ما فاتهم. وفي هذا الخضم الإعلامي المنتشر من بنغازي شرقا إلى طرابلس غربا، ومن مصراتة شمالا إلى سبها جنوبا، جرى اندماج بين صحف ورقية، وتزايد عدد قنوات التلفزة، بينما استمرت المواقع الإلكترونية في الصدارة محاولة الصمود أمام المنافسة الإعلامية غير المسبوقة في بلد لا يزيد عدد سكانه على 7 ملايين نسمة.
ويواجه العمل الإعلامي والصحافي كثيرا من القضايا التي تحتاج إلى وقت وجهد للتغلب عليها. ويقول عماد العلام رئيس تحرير صحيفة «ليبيا» التابعة لوزارة الثقافة، وهي الصحيفة الحكومية الوحيدة في البلاد حتى الآن، عن أبرز العراقيل التي تواجه العمل الصحافي الورقي في ليبيا في الوقت الحالي: «أهم شيء يواجهنا هو مسألة الطباعة وهي مسألة فنية بالدرجة الأولى تعيق بوضعها الحالي طباعة الصحف». ويضيف: «نحن صحيفة يومية تعرضنا لأكثر من مرة للاحتجاب عن الصدور لأكثر من أسبوعين بسبب إضراب عمال في المطابع».
وكان نظام القذافي يعتمد على صحف تابعة للجان الثورية التي تحميه. واتسمت بشكل عام بالركاكة والطباعة المتواضعة مقارنة بالتطور الذي شهدته الصحافة العربية. وترك النظام السابق المطابع متهالكة ومتخلفة عن العصر، تتبع ما كان يعرف في النظام السابق بالشركة العامة للورق والطباعة. ويقول الغنام الذي أجرت معه «الشرق الأوسط» مقابلة في مكتبه في العاصمة طرابلس: «للأسف هي مطبعة متهالكة وعمرها أكثر من 35 سنة. هي هرمة. هي مطبعة واحدة تتبع شركة واحدة ولها فروع في كل المناطق».
ويقول الغنام إن الصحافة الليبية في الوقت الحالي تعاني من مشاكل متعددة، منها عدم وجود صحافيين بمعنى الكلمة إلا فيما ندر.. ويضيف: «الصحافيون الموجودون من العهد السابق لم يطوروا الصحافة، والنتيجة أنه أصبح لدينا صحافيون يتعاملون مع الخبر بشكل مهني غير دقيق، مع وجود استثناءات طبعا.. بالإضافة إلى مشكلة أخرى تتعلق بمن هو القارئ.. لدينا أيضا مشكلة ثانية وهي من هو الصحافي؟ مازال الصحافي الليبي يحتاج لتدريب ولإعادة صقل ونحن نعول على الكفاءات المتميزة القليلة لكي تقود هذه المرحلة».
ويضيف الغنام قائلا: «لكن بصفة عامة الصحافي الليبي يحتاج لإعداد أربعين سنة من الإعلام الموجه والشمولي، لم تولد صحافة بالمعنى الحقيقي، فكلها كانت اجتهادات وعبارة عن تجارب فردية.. حتى الصحافي الذي تفوق كان نابعا من إصراره وحماسه، أما الدولة في العهد السابق فلم تعط هذا الجانب أهمية لإيجاد صحافيين على المستوى المطلوب. حتى إدارة الصحف كان من يتولاها لا بد أن يكون من أتباع النظام أو من اللجان الثورية فقط».
وتزيد مساحة ليبيا الشاسعة وبعد المسافات بين المدن من صعوبة التوزيع، وفي كثير من الأحيان لا تجد الصحيفة التي تصدر من بنغازي موجودة في طرابلس أو مصراتة إلا بعد يوم أو يومين، بينما تغيب كثير من الصحف عن الوصول إلى المدن الأخرى بسبب مشكلة التوزيع. وربما لهذا السبب انتشرت المواقع الإلكترونية الإخبارية الليبية بشكل واسع.
وكانت عملية توزيع الصحف تعتمد على ما كان يعرف بالدار الليبية للنشر والتوزيع، ولكن هذه الدار تم حلها في الفترة الأخيرة من حكم القذافي مما أدى إلى تفاقم المشكلة. ويقول عماد العلام إنه حتى مع وجود هذه الدار كانت توجد مشكلة في التوزيع وحين تم حل «الدار الليبية للنشر والتوزيع»، أصبحت المشكلة أكبر.. «لأنه تم حلها دون إيجاد بديل لها».
ويضيف العلام موضحا أن أي شركة توزيع تواجهها مشكلة الرقعة الجغرافية الكبيرة، مشيرا إلى أن «المسافة بين طرابلس وبنغازي ألف كيلومتر. فإذا كانت الطباعة في طرابلس فإنها تحتاج إلى يومين لتصل إلى بنغازي فما بالك بمدن الجنوب والوسط. أعتقد أن التوزيع يتركز الآن على المدن الساحلية القريبة من وسائل المواصلات. وهذا خلل كبير في توزيع الصحف».
وتعاني الصحف الخاصة ووسائل الإعلام المستقلة من مشاكل جمة أكبر مما تتعرض له الصحف والقنوات الرسمية أو شبه الرسمية. ويقول الغنام إن «العاملين في الصحافة الخاصة يكابدون المشاق من أجل إيصال صوتهم ورسالتهم. إذا كانت الصحافة الرسمية عاجزة عن الوصول إلى كل المدن الليبية فكيف بصحيفة خاصة أن تصل إلى كل المدن الليبية».
وصدر أول عدد من صحيفة «ليبيا»، وهي يومية شاملة، يوم 29 فبراير (شباط) 2012، أي بعد نحو سنة من اندلاع ثورة 17 فبراير التي أسقطت حكم القذافي. وتأسست صحيفة «ليبيا» بقرار من الحكومة الانتقالية حينما رأت ضرورة إصدار صحيفة وراديو وتلفزيون يحمل اسم ليبيا يتبع الحكومة، لكن الغنام يقول إن هذا لا يعني أن الحكومة تسيطر أو تراقب ما يتم نشره أو بثه.. ويضيف: «الحد الأدنى من وسائل الإعلام تتبع الحكومة، لكن في نفس الوقت يوجد حرص على أن يكون إعلاما حرا ومستقلا ولا يتبع الدولة أو السلطة التنفيذية بشكل مباشر.. هناك حرية مطلقة لوسيلة إعلامية لا يتدخل فيها أحد. وهذه بادرة جديدة لم تعرفها الصحافة الليبية من قبل».
وبدأت صحيفة «ليبيا»، وهي الصحيفة الحكومية الوحيدة، عملها اعتمادا على نحو 80 شابا. وتوجد مئات الصحف الأخرى التي تصدر عما كان يعرف في العهد السابق بـ«الهيئة العامة للصحافة (التي كانت منبثقة من جسم مجلس الثقافة العامة في عهد النظام السابق)»، وتحولت الآن إلى اسم «هيئة دعم وتشجيع الصحافة»، بشكل ومضمون مختلف عن الماضي، ويصدر عنها في الوقت الحالي أكثر من 8 صحف موزعة على كل المناطق الليبية وليس في طرابلس وحدها. هناك صحيفة «فبراير» في طرابلس وصحيفة «الأحوال» في درنة وصحيفة «ميادين» في بنغازي وصحيفة «رواسي» في منطقة الجبل.
وتقوم «هيئة دعم وتشجيع الصحافة» أيضا بتشجيع الصحف والمطبوعات اليومية والأسبوعية الخاصة التي انتشرت بعد سقوط النظام السابق ووصل عددها في مرحلة من المراحل إلى 400 صحيفة في كل ليبيا شرقا وغربا شمالا وجنوبا. لكن العدد بدأ يقل ولجأت بعض الصحف الصغيرة إلى الاندماج فيما بينها. ويقول الغنام إن «هيئة دعم وتشجيع الصحافة تطبع الصحف بمبلغ رمزي جدا في محاولة منها لتوسيع قاعدة انتشار الصحافة، وللبدء في فرز هؤلاء الشباب الصحافيين الذين يملكون الموهبة وكذا الكفاءات التي ظهرت بعد الثورة».
وتتزامن محاولات تطوير الصحف الورقية والتغلب على المشاكل التي تواجهها بتوجس من تأثير المال السياسي على استقطاب بعض الصحف لتيارات بعينها. ومن المعروف أن الصحافة الورقية عادة ما تكون مقصدا للسياسيين ورجال الدين ورجال الأعمال.
وعما إذا كان الخوف من التمويل الممنهج لبعض الصحف له ظل من الحقيقة يقول الغنام: «لا أستطيع أن أؤكد هذا، لكن نحن الصحافيين نشعر بذلك.. نشعر بأن الصحف الخاصة ربما يكون وراءها ممولون لهم أهداف وأجندات سياسية تتعلق بهم.. نحن نرحب بأي أجندة تضع ليبيا فوق كل اعتبار، ولكن أي صحيفة خاصة يثبت أنها تحصل على تمويل خارجي فهي مستهجنة. إلا أنه لم يثبت أن أي صحيفة ورقية تدافع أو تخدم أجندة من خارج الدولة. هذا لم نره بشكل واضح».
ومع انتشار أجهزة الحاسوب والإنترنت انتشرت المواقع الإلكترونية بشكل كبير في ليبيا، ووجدت في المشكلات التي تعاني منها الصحافة الورقية فرصة للنمو والازدهار، لكنها أيضا لا تخضع للمعايير الصحافية المتعارف عليها، وتسبب عدد منها في إثارة بعض المشكلات من خلال نشر أخبار ومواضيع بشكل غير محايد، كما استغل عدد من السياسيين والخصوم بعض هذه المواقع في الحرب الإلكترونية فيما بينهم، بما في ذلك المواقع شديدة المحلية إضافة إلى المواقع الكبيرة الخاصة ومواقع التواصل الاجتماعي.
ويقول الغنام: «المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بكل أنواعها ملأت الفراغ في الفترة الأخيرة وهي سلاح ذو حدين.. أحيانا بعض المواقف تتبنى مواقف لعناصر لهم مواقف من ثورة 17 فبراير من خلال بث سموم لزعزعة الاستقرار والأمن في ليبيا.. هذا جانب، أما الجانب المضيء فهو أن هذه المواقع الإلكترونية ساهمت في كشف بعض المخالفات بما يصحح مسارها».
ويواجه كثير من الصحافيين خطر التعرض للقتل والاختطاف في بلد ما زال يراوح في مكانه في مسألة بسط الأمن ونزع السلاح من الميليشيات وتفكيكها. ولا يخلو مجلس من مجالس الصحافيين في بنغازي أو مصراتة أو طرابلس من مخاوف من نشر موضوع عن كذا أو نشر خبر عن ذاك. ونادرا ما يمر يوم أو تمر سهرة دون أن يرن الهاتف لحل مشكلة لصحافي يواجه جماعة غاضبة من صحيفته، ناهيك عن التهديدات التي تصل إلى درجة التهديد بالتصفية الجسدية. وسجلت عدة منظمات محلية مخاوف مماثلة لصحافيين. وعن مدى الخطورة التي تواجه الصحافيين في الأجواء التي تمر بها ليبيا في الوقت الحالي، يقول عماد العلام رئيس تحرير صحيفة «ليبيا»: «هناك منظمات محلية لحقوق الإنسان أثبتت أن هناك اعتداء على الإعلاميين في بعض المناسبات وهي ليست كبيرة لكن حدث اعتداءات بالضرب والسجن ومحاولات خطف وأيضا تم خطف بعض الإعلاميين بالفعل، وهو عمل غير منظم حقيقة وعملية عشوائية، والسبب يرجع للانفلات الأمني وهو عمل خارج توجهات الدولة. وتوجد كتائب غير شرعية مارست الخطف على الإعلاميين وعلى المواطنين أيضا، نتيجة لبعض المعلومات الخاطئة أو الملفقة أو الالتباس في بعض المعلومات».
ويضيف العلام أن الخطورة الأكبر تأتي من غياب الإعلام القوي الذي يقنع المواطن الليبي، ويقدم له المعلومات والأخبار في حينها وبشكل محايد بقدر الإمكان. ويضيف: «المواطن الليبي أصبح يستقي معلوماته من القنوات الخارجية والصحف الخارجية. من غير المعقول أن حدثا يقع في طرابلس ننتظر قناة العربية أو الجزيرة لبث الخبر. كان الأجدر أن يكون هناك إعلام وطني يبث الأخبار أولا.. ولهذا أقول إن ما يعاني منه الجيش الوطني هو ما يعاني منه الإعلام.. تفعيل الجيش الوطني وتفعيل الإعلام أمر لا بد منه لأنهما صمام أمان قوي للمرحلة القادمة لليبيا».

آفاق وسائل الإعلام الجديد

متابعات إعلامية / كتبت / سنأ الشريف


الإعلام الجديد هو أساليب حديثة تخدم الاتصال وتستخدم الوسائل الرقمية لتسجيل وحفظ وتخزين المعلومات. ويتميز بأنه تفاعلي، تراكمي وإنفرادي. لا يعرف في الحقيقة من هو الذي أطلق مصطلح الإعلام الجديد، إلا أن الحديث بدأ في تسعينات القرن العشرين بحماسة كبيرة لدى كل من طلاب الإعلام والمنظرين له. بعدما قاموا بالتركيز على جريدة تحمل عنوان (وايرد) تكرس موضوعاتها حول تقنيات الحاسوب. لايوجد إعلام جديد بدون شبكة الإنترنيت. فمن خلال الانترنيت نجد كل البوابات الاجتماعية والعمودية والمدونات والمنتديات الصغيرة والكبيرة. هو حساب الشبكات الاجتماعية. هو التطبيقات والألعاب وهو كل ما يخطر ببالنا ويتبادر إلى ذهننا. وهذا كله يسمى بالإعلام الجديد أو إذا أردت الإلكتروني. النزاع حول هذا المصطلح حي ومستمر فيما إذا كانت توجد وسائل إعلام إلكترونية؟ وكما يقول المثل " النبيذ القديم في إناء السقا " أي نفس المضمون القديم في إناء أجدد و بصيغة أحدث. باحثون اخرون بدأو يناقشون منذ الان ما بعد الإعلام الجديد اي ما يسمى (جديد الإعلام الجديد).
إذا نظرنا وبعمق أكثر في أهمية وسائل الإعلام الالكترونية لاستنتجنا وبسهولة أن دورها كبير جدا وهي ما زالت في طور النمو بل إن لديها سيطرة حقيقة. يبدو أن الإعلام الالكتروني قد لعب ومنذ بدايته دورا مزدوجا، حيث لعب دورا ترفيهيا وآخر معلوماتيا. بل أصبح من الصعب الملاحظة فيما إذا كان العنصر الترفيهي هو العنصر المسيطر في حياتنا وأسرنا أكثر فأكثر، فهو أكبر الأشكال جاذبية. نحن نعيش بما يسمى اليوم ب" العالم الافتراضي" سواء تمثل هذا في الألعاب الالكترونية أو في البنوك على شبكة الانترنيت أوالتسوق و التسويق أو الإعلانات التي تأخذ الحيز الأكبر ... وغيرها من الأمثلة. وفقا لروبرت مردوخ:"ستزول الصحف المطبوعة عام 2040 لتحل محلها النسخة الالكترونية" ( الصحافة الالكترونية، الكتاب الكتروني). و"عصر تراجع مبيعات الصحف وانخفاض عائدات الإعلانات هو عصر تحول الصحف من مطبوعة الى الكترونية". مردوخ " ستتوفر محال الكترونية لبيع الصحف الكترونيا تمكن القراء من القراءة ليس من خلال أجهزة الحاسوب فحسب وإنما من خلال الأجهزة النقالة. فمن مميزات هذه الصحف إنها غنية بالصوت والصورة" .
كان القرن التاسع عشر قرن المجلات والصحف.أما القرن العشرين فهو قرن الإذاعة والتلفزيون وتعتبر المرحلة الحالية مرحلة التخصص في وسائل الإعلام فمن ما يقارب عقدين وجدت وسائل الإعلام فيما يسمى بالعالم الافتراضي، وتبلورت خصائصه من إعلام ذو اتجاه واحد إلى إعلام ذو اتجاهين أي يقدم الانترنيت حوارا بين جهاز الحاسوب والمتلقي عن طريق صفحة الويب بغض النظر عن الموقع الجغرافي. صارت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تغير ملامح حياتنا عن طريق المعلومات المكثفة التي يقدمها إلينا الانترنيت. وبينما لا تزال بعض وسائل الإعلام التقليدية تمضي بقوة على الساحة الإعلامية، إلا أن ارتفاع معدلات مستخدمي الانترنيت وتواصل الناس مع الإعلام بصفته الجديدة المتمثل بالشبكات الاجتماعية والمدونات، سوف يعجل من نهاية كل شي تقليدي. اصبح الاعلام اليوم اكثر غنى من قبل وهذا ما نسطلح على تسميته بالعلام الغني. اي المادة الاعلامية التي تحتوي على الصوت والصورة وربما حتى فديو باختصار فهي غنية بكل صيغ وسائل الاعلام المتعددة المعلومات واصبحت بالتالي أكثر شعبية لاظهارها المعلومات بصيغة رقمية.
فالصحف الالكترونية على سبيل المثال هي جميع اشكال نشر المعلومة بشكله الالكترونيّ-الرقمي والتي تشكل جزءا او كل من الصحف والمجلات المطبوعة او الورقيةز فالجرائد الالكترونية تغني المواد المنشورة في الصحف الورقية بالصوت والصورة ولهذا السبب أنخفض عدد القراء للصحف الورقية في السنوات الخمس عشرة الاخيرة الى الثلث وما زال ينخفض .ولهذا من المكن اعتبار ان الجرائد الورقية تمر بحالة شيخوخة 

اتجاه نحو تحديد المحتوى الخبري المجاني للصحف .. 360 صحيفة أميركية ستقدم محتواها الإلكتروني بمقابل مادي مع نهاية العام الحالي

متابعات إعلامية / نيويورك


لم يكن من المفترض أن يمثل الخبر الذي نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» عن احتمال تقديم «واشنطن بوست» محتواها على الإنترنت نظير مقابل مادي خلال العام المقبل مفاجأة، لكن هذا ما حدث. تتعلق الصدمة باليقين الذي بدا على دونالد غراهام، رئيس شركة «واشنطن بوست»، وهو يتحدث عن هذا الأمر. ويذكر أنه لطالما كان لديه تحفظات جادة بشأن وضع عمل صحافيي شركته وراء الجدران. وبحسب «جيغاوم»، لقد شرح ذلك لوالتر إيزاكسون في معهد أسبين على النحو المبين لاحقا.
يمكن لـ«نيويورك تايمز» أو «وول ستريت جورنال» أن تقدم محتواها بمقابل مادي، لكننا لن نفعل ذلك إذا كان لديك اشتراك في الصحيفة. يتم توزيع صحيفة «واشنطن بوست» الورقية في أنحاء واشنطن العاصمة، لكن أكثر من 90 في المائة أو 95 في المائة من القراء على الإنترنت خارج واشنطن العاصمة. ولا نستطيع أن نقدم لهم الاختيار بين النسخة الورقية والنسخة الإلكترونية. لذا سيعمل نموذج الدفع بطريقة مختلفة بالنسبة لنا. مع ذلك، تفكر «واشنطن بوست» في نموذج تكون فيه الصفحة الرئيسية والمقاطع الأولى من الأقسام مجانية، في حين يشترط الاشتراك للاطلاع على باقي الأجزاء.
وتعد هذه طريقة ذكية تسمح بإلقاء نظرة على محتوى الصحيفة أملا في أن ينجذب القراء ويشعرون بفضول يدفعهم للاطلاع على الباقي. ما الذي تغير إذن؟ كل شيء ولا شيء في الوقت ذاته. تظل «واشنطن بوست» إقليمية بعيدا عن الانتخابات. مع ذلك، تعمل الصحيفة بدأب على حساب التكلفة وتتراجع عائداتها. يجب أن تصبح العائدات الجديدة جزءا من الصورة في مرحلة ما.
ليست «واشنطن بوست» الوحيدة على هذا الدرب، فقد أشارت «بوينتر» يوم الجمعة: «سوف تقدم أكثر من 360 صحيفة أميركية محتواها الإلكتروني نظير مقابل مادي بنهاية العام الحالي»، على حد قول «نيوز آند تيك». ومن بين هذه الصحف «غانيت» و«تربيون» و«ميديا نيوز» و«ميديا جنرال» التابعة حاليا لـ«بيركشاير هاثاواي» المملوكة لوارين بافيت. وبالتأكيد من ضمن تلك الصحف «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال». ومن المتوقع أن تنضم إليها «إي دابليو سكريبس» و«ماكلاتشي» وصحف أخرى خلال العام المقبل.
هل في ظل تكاتف الصحف وبدء تأسيس مجتمعات مغلقة من المحتوى الخبري سيكون هناك نوع جديد من الاستقرار؟ من الصعب حدوث ذلك. ما في طريقه إلى الحدوث هو إعادة ضبط المشهد. تخطف عائدات الإعلانات في صناعة الصحف الأنفاس، ويمكن أن ترى ذلك في الرسم البياني المرعب من ألان ماتر. وتم حسم السؤال الذي بات قديما الآن، وهو: أي جزء من البركان مؤقت وأي جزء دائم؟ لن يعود عالم الإعلانات، وهناك سبب قوي يدفع المرء للاعتقاد أن التراجع في هذا المجال سيستمر على مدى السنوات المقبلة. ويمثل نموذج الاشتراك لحظة اكتشاف الحقيقة بالنسبة للناشرين، الذين باتوا يقرون بحقيقة أنهم سيعملون على نطاق محدود، ومع جمهور أصغر من القراء. إن اضطرار أكثر القراء ولاء وحماسا للصحيفة إلى دفع مقابل مادي يعد وسيلة للاستعداد إلى أوقات عصيبة مقبلة وكأنهم يقولون: «فلنر شكل الأخبار التي سيدعمها قراؤنا».
ويعد نجاح «فايننشيال تايمز» و«وول ستريت» أمرا بارزا، لكن ليس من الجيد القياس على النتائج التي حققتها الصحف التي تغطي أخبار الأعمال وتنشر معلومات تساعد على اتخاذ قرار. كذلك لا تعد تجربة «نيويورك تايمز» الإيجابية مع الاشتراكات في النسخة الإلكترونية مقياسا في هذا المضمار لأسباب مختلفة.
لدى «نيويورك تايمز»، لكونها صحيفة محلية لها موارد عالمية، ملايين القراء المحتملين، لذا إقبال أكثر من نصف مليون من هذا الجمهور يعد مؤشرا جيدا بالنسبة للمؤسسة، لكن ليس بالضرورة أن يكون كذلك بالنسبة للصناعة.
وأشار غراهام إلى أن عدد مشتركي «بوسطن غلوب»، التي كان يعمل بها رئيس التحرير القادم لـ«واشنطن بوست»، مارتن بارون، 25 ألفا. ويعد هذا رقما منخفضا جدا، لكنه يصلح أن يمثل بداية. وتتجه «وول ستريت»، التي لم تكن من معجبي المؤسسات الصحافية خلال السنوات الماضية القليلة، إلى تبني استراتيجية الدفع مقابل الحصول على المحتوى. بعد سنوات من التراجع، استقرت أسعار أسهم الصحف التي يتم تداولها في البورصة أو ارتفعت بشكل طفيف، بحسب ما أوضح ريتش إدموندز. ومن مزايا الاشتراكات التي يتم اكتشافها هي ما تخلقه من جمهور مميز من القراء. ويمكن للجموع على الإنترنت إعادة تقديم المنتج الذي تطلب عملا شاقا ومالا كثيرا، بسهولة، لكن لا يمكن أن يوجد بسهولة أمثال العملاء الذين يدفعون النقود لقراءة موقع. ووراء الحاجز الذي يفصل بين المحتوى المجاني والمحتوى المدفوع، يوجد قارئ مخلص وفي؛ قارئ تربطه علاقة عميقة بالناشر، ويمكن أن يباع له المحتوى بالتقسيط.
ويعد هذا من ناحية ما تجديدا لمفهوم «الرغبة» الذي تمثله المجلات والذي بات قديما. إن المجلات تقدم محتواها لقرائها بسعر أعلى لأنهم اختاروا الاشتراك. ولا يمكنك شراء القراء الذين دفعوا ليقرأوا بحسب «StarTribune.com»، ويعد هذا تطورا غريبا. وما زالت إتاحة محتوى محدود مجانا على الإنترنت أمرا جذابا حتى هذه اللحظة. مع ذلك، فإن كثيرا من التجارب معرضة لنتائج قاسية. على المستوى العملي، يعد الاشتراك مربحا من جهة، ومقياسا لحجم الإقبال على الإصدار على الإنترنت، من جهة أخرى. إذا كان لديك قراء يكثرون من زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بالإصدار الذي تقدمه واصطدموا بحاجز يمنعهم من الاطلاع على محتوى يجب دفع المال من أجل قراءته، سيتجه بعضهم إلى الاستسلام ويدخلون رقم بطاقتهم الائتمانية.. ويعد هذا من أسباب فشل تجربة «ذا ديلي». لا يمكنك المرور مصادفة بمحتوى عبر تطبيق، ولا يمكن لأحد أن يدفع مقابل الاطلاع على ما لا يدركون أنه قد يهمهم في الأساس.
لن تحظى بالاهتمام تلك الإصدارات الصحافية التي لا تقدم محتوى مهما، أو تلك التي تعيد تقديم معلومات يمكن الحصول عليها من أي مصدر آخر بسهولة. يعد هذا من جانب عودة إلى الأيام التي شهدت تعدد الصحف في سوق واحدة. سيكون الأمر أشبه بصراع ضار على عدد محدود من القراء الذي يرغبون في الدفع. لن يستطيع كثير من الصحف، التي تأثرت سلبا بسنوات من تصفية الاستثمارات في المجال، تقديم حجة تدعم زعمها بتقديم شيء جديد يستحق أن يدفع القراء المال من أجل الحصول عليه.. وقد تكون الوحدة مصير الحياة داخل هذا النوع من البيئات المغلقة.
  الشرق الاوسط

الأيام .. “ملكة الصحف” لا تزال مغلقة في “اليمن الجديد”

متابعات إعلامية/ عدن:


عند الساعة الخامسة من بعد الظهر كان المكان يشبه خلية نحل، وعند الساعة الحادية عشرة كانت الصحيفة ترسل الى المطبعة”. يقوم باشرحيل هشام باشرحيل المدير العام لصحيفة الايام بعرض ما تبقى من غرفة الاخبار في مبنى الصحيفة الابيض الآيل للسقوط والذي يقع في حي قريب من سوق السمك في عدن.

في عام 2009 تعرض المبنى لهجوم صاروخي حيث اقدمت القوات الحكومية في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح على اطلاق القذائف الصاروخية ورصاص المدافع الرشاشة على مبنى الصحيفة، وعلى من كان يتظاهر من الناس امام المبنى احتجاجا على اعمال عنف سابقة طالت صحيفة الايام.

اليمن الجديد؟

الآن، وبعد ثلاث سنوات، يسود السكون، اغلقت الحكومة اليمنية في عام 2009 الصحيفة بشكل تام، ومازالت الى اليوم متوقفة ولم يعد فتحها. على الرغم من ان النظام السابق قد سقط واُستبدل بحكومة بحكومة توافقية. “معا نبني اليمن الجديد” كان شعار عبد ربه منصور هادي، المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسية التي جرت هذه السنة في شهر فبراير.

هل هناك يمن جديد؟ لا علم لي بذلك” يقول باشرحيل ذلك مع ابتسامة. انه ليس الشخص الوحيد الذي شهد على ان وعود الحكومة الجديدة بقيت بمعظمها مجرد وعود. على سبيل المثال كان من المفترض اطلاق السجناء السياسيين منذ اشهر مضت، ولم يحصل ذلك ومازالوا محتجزين، في اماكن وظروف مجهولة.

قتيلان
جميع الدعاوى القضائية التي رفعت ضد الصحفيين لا زالت مغلقة، بما فيها القضية المرفوعة ضد صحيفة الايام” يقول باشراحيل. اثناء الهجوم عليها تم اعتقال جميع المحررين في الصحيفة، وقتل شخصان على الاقل، احد حراس الصحيفة وواحد من المهاجمين. زُعم ان الاخير قتل على يد احد موظفي صحيفة الايام، ووضع الموظف في السجن منذ ذلك الوقت ولا يزال. “وهو في انتظار تنفيذ حكم الاعدام فيه” يقول باشرحيل. تنفي الصحيفة ان يكون قد اقدم فعلا على قتل المهاجم.

المعركة القانونية مازالت جارية وتسهم بتحويل الانتباه عن القصية الاصلية – ربما هذا هو مقصد الحكومة- وهي قضية إغلاق الصحيفة بسبب محتوى ما كتبته. كانت صحيفة الايام من اكثر الصحف شعبية واستقلالية، في بلد ترتبط فيه معظم وسائل الاعلام بحزب سياسي او رجل صاحب نفوذ مع تطلعات سياسية.

أوقف القتل نوقف النشر!
أسس جد باشرحيل صحيفة الايام في عام 1958، وتعود شعبيتها الى نشرها أشياء لم تكن تنشر عادة في اليمن. مثل الحديث عن الفساد الهائل على مستويات حكومية عالية، والحروب ضد الحوثيين المتمردين في الشمال، والاضطرابات الاجتماعية في الجنوب.
يمسك نجيب يابلي كاتب عمود سابق في صحيفة الايام باخر عدد للصحيفة ويعود تاريخه الى 4 مايو 2009. على الصفحة الاولى صور دموية لقتلى وجرحى في شوارع تحترق، حصيلة حملة القمع التي قامت بها القوات الحكومية على ردفان، احدى مدن الجنوب المضطرب.

غطت “الأيام” المظاهرات والنتائج الدموية على نطاق واسع. “الرئيس انزعج من نشر صحيفتنا لمثل هذه الصور، قلنا له توقف عن القتل، عندها نتوقف نحن عن نشر مثل هذه الصور” يقول نجيب يابلي. كانت النتيجة ان الرئيس قرر القضاء على الصحيفة، كما اغلق سبع صحف ومجلات اسبوعية جنوبية.

هنا ولد الحراك الجنوبي
منذ عام 2007 ينظم اليمنيون الجنوبيون مظاهرات ومسيرات احتجاجية على ما يسمونه “الهيمنة” الشمالية على اليمن الجنوبي، إضافة الى مطالبتهم بحل الاجهزة الامنية والمدنية. في تلك الفترة نشأ الحراك الجنوبي.

يجلس باشراحيل في مقعده ويدخن السيجارة تلو الاخرى، والى جانبه صورة لجده ويقول “ولد الحراك الجنوبي هنا في هذه المكاتب. لقد طالبنا الحكومة مرارا بضرورة الاصغاء الى شكاوى الجنوبيين، عوضا عن معاملتهم بوحشية“.

الآن، بعد خمس سنوات على إنشاء الحراك الجنوبي، لم تهدأ الاوضاع بعد في الجنوب. بل على العكس من ذلك، الناس يزدادون غضبا كل يوم. يشعرون ان الحكومة الجديدة تتجاهلهم وتستغلهم بأخذ خيراتهم (القسم الاكبر من النفط في اليمن موجود في الجنوب، بالاضافة الى الموانىء البرية والبحرية).

التهيؤ للحرب الأهلية
صحيفة الايام هي واحدة من مشاكل عديدة، لكنها رمزية.بعد محاولات سابقة لحل قضية الايام، تم إنشاء لجنة تتكون من قائمة طويلة من الوزراء. ويقول باشراحيل “قدمنا لهم 500 صفحة من الوثائق القانونية، ارتعبوا من الامر، لقد ظنوا انهم يستطيعون الافلات من هذه القضية عن طرق تعويضات مالية تصل الى نصف مليون دولار، لكننا حسبنا الاضرار التي عانينا منها وكانت النتيجة ما يقارب 61 مليون دولار“.

اللجنة جاءت بعرض نهائي وهو 3 مليون دولار، كما يقول باشراحيل. قرر قبول العرض هذا لاسباب عملية. إذ يسعى اليمن في الوقت الراهن للبدء بحوار وطني، والذي قد يسهم  بحل كل المشاكل. إلا ان باشراحيل يعتقد عكس ذلك ويقولالحوار سيكون كارثة ولذلك افضل ان ادخل في حرب اهلية وفي جيبي بعض من المال”. وحتى الآن لم يتم تحويل الاموال بعد.

كذلك الصحفي نبيل يابلي غير متفائل بشأن إعادة فتح الصحيفة “إغلاقها كان بفعل قرار سياسي. الشمال هو نظام قبلي ولن يتغير ابداً.”

يخرج من حقيبته المزيد من الاعداد القديمة للصحيفة ويقلب صفحاتها بحنان ويقول “الايام هي ملكة الصحف