متابعات إعلامية / خاص:
هناك أشياء قليلة يحب الصحافيون تناولها بالنقاش أكثر من شؤونهم أنفسهم وأكثر من آفاق صناعة الصحافة على المدى الطويل. إلى متى ستبقى الصحافة المطبوعة؟ وهل يكمن المستقبل في مواقع تجميع الأخبار؟ أم يكمن الحل في فرض رسوم على التصفح الإلكتروني - مثلما فعلت صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخرا؟ وبينما تعكف مؤسسات إعلامية على دراسة مستقبلها، من الأهمية بمكان التخلي عن بعض التصورات الخاطئة بشأن ما يجب القيام به قبل أن تصبح الصحافة شيئا من الماضي:
1- وسائل الإعلام الإخبارية التقليدية تفقد جمهورها حسب كثيرون أن ظهور الإنترنت والنشر الإلكتروني كان يعني أن المؤسسات الإعلامية التقليدية ستخسر قراءها ومشاهديها، بعد أن تمكنت التقنية من كسر سيطرتها على قطاع الأخبار. ولكن هذه ليست الصورة الكاملة.
صحيح أن الناس أخذوا يتحولون إلى شبكة الإنترنت، وفي عام 2010، تجاوزت شبكة الإنترنت الصحف للمرة الأولى كمنصة يحصل منها الأميركيون «بصورة منتظمة» على الأخبار، وذلك وفقا لما أفادت به بيانات مركز «بيو» للأبحاث. ويقول 46 في المائة من البالغين إنهم يتصفحون شبكة الإنترنت من أجل الحصول على الأخبار، 3 مرات على الأقل أسبوعيا، في مقابل 40 في المائة يقرأون الصحف بهذا القدر. وتحظى الأخبار المتلفزة المحلية بشعبية أكبر، وتبلغ نسبتها 50 في المائة.
ولكن يتجه المهتمون بالأخبار على شبكة الإنترنت في الأساس إلى المصادر التقليدية. ومن بين أكثر 25 موقعا إلكترونيا إخباريا شعبية داخل الولايات المتحدة، على سبيل المثال، نجد أن معظمها مصادر إعلامية «تراثية»، مثل «نيويورك تايمز» و«سي إن إن» أو مواقع تجميع أخبار من وسائل إعلام تقليدية مثل «ياهو» أو «غوغل نيوز». ومن بين 200 موقع إخباري تحظى بأكبر معدلات إقبال، نجد أن 81 في المائة منها عبارة عن وسائل إعلام تقليدية أو كيانات تقوم بتجميع الأخبار منها. وتشهد بعض وسائل الإعلام القديمة ارتفاعا في إجمالي عدد المشاهدين، سواء في ما يتعلق بالصحافة المكتوبة أو بشبكة الإنترنت.
ولا ترتبط الأزمة التي تواجه وسائل الإعلام التقليدية بالعوائد، ولكنها تتعلق بالجمهور. وفي هذه الأزمة، تلقت الصحف أقوى الضربات، حيث تراجعت عوائد الإعلانات داخل الصحف الأميركية بنسبة 48 في المائة في الفترة من 2006 حتى 2010.
2- ستصبح الأخبار على شبكة الإنترنت جيدة بمجرد تحسن عوائد الإعلانات تنصب هذه الآمال على شيء خاطئ، ففي عام 2010 تجاوزت الإعلانات على شبكة الإنترنت داخل الولايات المتحدة الإعلانات المطبوعة، ووصلت إلى 26 مليار دولار. ولكن ذهبت نسبة صغيرة من هذه، ربما أقل من الخُمس، إلى مؤسسات إخبارية. وذهبت الحصة الأكبر، نحو النصف، إلى مواقع بحث، خصوصا موقع «غوغل». ويوضح قطاع الصحف المشكلة. على الرغم من أن نصف الجمهور ربما يصل إلى الصحف عبر شبكة الإنترنت، فقد حصل قطاع الصحف على 22.8 مليار دولار العام الماضي في صورة عوائد إعلانية مطبوعة في مقابل 3 مليارات دولار فقط في صورة عوائد تعتمد على الشبكة الإلكترونية.
وقد شهدت الصحافة نموا خلال العقود الماضية لأن وسائل الإعلام الإخبارية كانت الوسيلة الرئيسية التي يصل من خلالها العملاء. وفي المشهد الإعلامي الجديد، توجد الكثير من الوسائل التي تساعد على الوصول إلى الجمهور، وتمثل الأخبار مجرد حصة صغيرة فيها.
3- المحتوى هو الأساس على الدوام كان التطور المنطقي الذي ساعد الصحف على الرخاء في القرن العشرين بسيطا: أنتج العمل الصحافي (أو «المحتوى») الذي يريده الناس، وستنجح. ولكن لم يعد هذا الأمر كافيا.
وربما يكون المدخل إلى وسائل الإعلام في القرن الحادي والعشرين هو معرفة سلوك الجمهور بشكل أفضل، وليس إنتاج المحتوى الأكثر شعبية. ويستفيد المعلنون بفهم المواقع التي يزورها الناس، وما هو المحتوى الذي يشاهدون، وما هي المنتجات التي يشترونها، حيث يساعدهم ذلك على استهداف المستهلكين الأفراد بشكل أفضل. ويوجد قدر أكبر من هذه المعرفة لدى شركات التقنية وليس لدى منتجي المحتوى.
المصدر الشرق الأوسط
البقية على الرابط