الجمعة، 8 فبراير 2013

"إذاعة عدن" .. بداية تأسيسها ومراحل تشغيلها وتطويرها (1954 ــ 1967م)

متابعات إعلامية / عدن / كتب / خالد شفيق أمان

عند الحديث عن الدولة المدنية الحديثة دائما مايتبادر الى الذهن المنجزات التي تحققت على ارض الواقع من قبل مؤسساتها المختلفة ، وأكثر هذة المؤسسات هي المؤسسة الإعلامية باجهزتها وقروعها المختلفة التي من خلالها يتم محاطبة الجماهير والعمل على تنمية معارفهم ومداركهم وملامسة وتنشر وابراز همومهم ومعاناتهم وتكون منابر تنويرية حقيقية وحرة هدفها المساهمة في بناء الانسان ومجتمعه المدني الحضاري ، وعدن التي تميزت بالريادة على مستوى المنطقة العربية في جميع المجالات الخدمية والإقتصادية والتجارية والإعلامية وغيرها ، في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وتحديداً للفترة الممتدة من العام 1850م وحتى 1967م ، الحديث يطول عن الريادة في هذة المجالات التي تحسب لعدن المدينة الحضارية التاريخية الراقية ، والحديت عن كافة الجوانب يتطلب إفراد مساحات واسعة من الصفحات .لكننا سنخصص هذة الصفحة في صحيفة (عدن حرة) للحديث عن إذاعة وتلفزيون عدن وبداياته الأولى عند التأسيس .

إذاعة عدن :
قبل ان نسترسل في الحديث عن هذا الصرح الإعلامي لابد لنا من شرح الأوضاع الحالية المأساوية التي آلت اليها اقدم اذاعة في المنطقة العربية وهي اذاعة عدن التي انشئت في عام 1954م ، فما آلت اليه لم يكن الا نتاج لمخطط من نظام الإحتلال يندرج في إطاته المتخلفة الحاقدة لطمس الهوية الجنوبية بصروحها المختلفة الإعلامية والتربوية والسياحية والإقتصادية، ومعالمها التاريخية العتيقة وآثارها الموغلة في القدم . نعم .. لقد حصلت اذاعة عدن على نصيبها من هذا الطمس والعبث بمقدرات وانجازات شعب الجنوب وتحديدا ابناء العاصمة عدن بشخصياتها وكوادرها وكفاءاتها الذين كان لهم الدور الابرز في تأسيس اذاعة عدن هنا عدن دعونا نسلط الضوء على هذا المنبر والصرح الإعلامي المتميز.

هنا عدن .. 
انطلق صوت المذيع عبر الراديو في السابع من اغسطس عام 1954م ، تلك كانت بداية محطة عدن للإذاعة ، هكذا كانت تسمى قديماً ، والبداية كانت متواضعة وكان يشرف عليها آنذاك مكتب العلاقات العامة والنشر التابع للإدارة البريطانية في عدن ، حينها لم يكن البث يزيد عن ساعة و 45 دقيقة وبجهود حثيثة من قبل الموظفين والفنيين من ابناء عدن تمكنت الاذاعة من تمديد هذا البث الى 7 ساعات وبتناوب ثلاثة مذيعين هم (الفقيد الشيخ محمد عبدالله حاتم والشاعران المعروفان لطفي جعفر امان ومحمد سعيد جرادة ) ، وكان المرحوم حسين الصافي هو اول من عين مذيعاً رسمياً . 

التجهيزات الفنية لإذاعة عدن:
كانت الإذاعة عند تأسيسها عبارة عن استوديوهين صغيرين تبث منهما جميع الفقرات البرامجية ومجموعة من الاشرطة والاسطوانات ولها ثلاث مسجلات ذات الإستخدام المنزلي وغرفة لضابط الصوت ، وكانت الاثاث فيها شبه معدومة وكان عدد الموظفين 25 موظفاً فقط ، وظلت القوة الارسالية للاذاعة حتى عام 1956م محدودة للغاية وتعتمد كلياً على شركة البرق واللاسلكي البريطانية في تشغيل اجهزة ارسالها التي كانت تتكون من جهاز ارسالها بموجة قصيرة قواتها 7 ونص كيلو واطات ،

مشروع تطوير الاذاعة:
اعد في عام 1957م مشروعاً لتطوير الاذاعة بكلفة 100 الف جنيه استرليني دفعت من مالية تطوير المستعمرات ورفاهيتها ، ومن خلاله تم تزويد الاذاعة بأجهزة حديثة واستمر العمل التطويري للاذاعة حتى عام 1960م حينها افتتح فيها اول قسم هندسي كما استحدث استديو ثالث وعين عدد من المهندسين للاشراف على الشؤون الفنية ، وظلت البرامج والتمثيليات تداع على الهواء مباشرة . كوادر الإذاعة : اعتمدت الاذاعة منذ تأسيسها على عدد من الشخصيات والكوادر العدنية ضمت الاساتذة (احمد محمد الزوقري ــ حسين الصافي ــ عمر محمد مدي ــ منور الحازمي ــ علوي السقاف ــ ابوبكر العطاس ــ محمد عمر بلجون ــ عبدالحميد سلام ــ اشرف جرجرة ــ محمد مدي ــ عبدالرحمن باجنيد ــ خالد محيرز ــ عبدالله عزعزي ــ محمد حامد ) وفي الجانب الفني ( المهندس رجب عبدالقادر ــ صالح علي عفاره ) ، كما اسهمت المرأة العدنية في هذا العمل الإعلامي ممثلة بــ ( صفية لقمان ــ ماهية نجيب ــ سعيدة باشراحيل ــ عديلة بيومي ــ فوزية عمر ــ فوزية غانم ــ عزيزة عبدالله ــ نبيهة محمد) والانجليزية (مس بيري) ، ومن اللواتي عملن في مكتبة الإذاعة (نوال خدابخش ــ فوزية جوباني) ووصل عدد العاملات في منتصف الستينيات الى نحو 15 فتاة

أول مدير للإذاعة:
كان اول مدير للإذاعة السيد توفيق إيراني وهو لبناني الجنسية ، ويعمل تحت اشراف المستشار البريطاني المستر (مارسك) احو كوادر مكتب العلاقات العامة والنشر ، واستمر مديراً للإذاعة حتى عام 1958م ، وبعد مغادرته من الإذاعة عين بديلاً عنه (احمد محمد زوقري) عام 1958م ، وفي عام 1960معين مسؤلا للإعلام في عدن .


دور الإذاعة في الثورة التحررية :
عندما نمت الثورة واتسع نطاقها شعرت الحكومة البريطانية بأهمية الجانب الإعلامي ، فأستقدمت مستشارا اعلاميا لها الحقته بمكتب المندوب السامي في عدن ، وكان من رجال السلك الدبلوماسي البريطاني ، وفي تلك الفترة بدأ الاعداد لتأسيس التلفزيون ، فأرادت الحكومة البريطانية تعيينه مديرا للإذاعة والتلفزيون ، وحينها واجهت اعتراضات قوية من قبل الجنوبيين القائمين على ادارة الاذاعة واحتدمت الخلافات وتم التوصل الى حل لها من خلال تعيين الاستاذ (حسين الصافي ) مديرا للإذاعة والتلفزيون ، اما الزوقري فقد استمر في عمله الإعلامي كوكيلا لوزارة الاعلام الى ان سرح من العمل الحكومي مع كبار موظفي الدولة في مارس 1968م ، تاركاً بصماته في كثير من جوانب العمل الإذاعي .
واهتم الصافي خلال عمله بكثير من الجوانب الادارية الداخلية والبرامج والانشطة الاذاعية فأستحدث كثير من الاعمال الاذاعية في المجال الرياضي والموسيقي ومايتعلق بشؤون المرأة وبرامج الأطفال ، كما عمل على تشجيع المرأة للإنخراط في العمل الإذاعي لابراز قدراتهن الإبداعية في هذا المجال ، وقد كان اولهن المذيعة (اسمهان بيحاني) التي بدأت حياتها العملية في الإذاعة كـ (عاملة تلفون) تم تدرجت بتشجيع منه الى ان اصبحت مذيعة مرموقة ،
وقام بتأهيل الكادر المحلي فأرسل عدد منهم للتدريب والتأهيل الى لندن وتحديدا في هيئة الإذاعة البريطانية ( BBC

برامج الإذاعة :
بعد قيام إتحاد الجنوب العربي الذي اعلن عنه رسمياً في 11 فبراير 1959م وانضمام مستعمرة عدن اليه رسميا في 18 يناير 1963م تم تغير اسم محطة عدن للإذاعة ليصبح (إذاعة الجنوب العربي) ،
كان للإذاعة عدد من البرامج منها البرامج الثقافية الأدبية كبرنامج (بريد الأدب ــ في رحاب الشعر) والبرامج التاريخية كبرنامج ( أيام خالدات ــ نافذة التاريخ) ، والبرامج التربوية والتعليمية كبرنامج ( ركن الطلبة ــ تعليم الإنجليزية بالراديو) ، والبرامج التوجيهية كبرنامج ( اقوال وحكايات ــ اجمل ماقرأت) ، وكان قسم الثقافة في الاذاعة يضم مكتبة تحتوي على الف كتاب متنوع والصحف والمجلات والنشرات اليومية وكلها كانت في متناول جميع العاملين والموظفين في الاذاعة لقراءتها والاستفادة منها في عملهم ،
ومن اشهر المتحدثين في هذة البرامج الاستاذ الدكتور (محمد عبده غانم) والصحفي الكبير (محمد علي باشراحيل) والشاعر (علي محمد لقمان) و (عبدالرحمن جرجرة ) والشاعر (لطفي جعفر أمان) والشاعر (محمد سعيد جرادة ) والمؤرخ (حمزة علي لقمان ) و (احمد شريف الرفاعي ) وغيرهم كثيرون .،
 
البرامج الرياضية:
في عام 1954م عين (جعفر مرشد) مراسلاً رياضياً للإذاعة واستحدث برنامج (ركن الرياضة) الذي كانت مدته ربع ساعة يذاع في الساعة السادسة والنصف من مساء كل يوم احد ، من خلاله كان يتم تزويد المستمعين بأخبار المباريات الرياضية ككرة القدم من الملعب البلدي بكريتر ،
كانت إذاعة عدن السباقة الى تقديم برنامج رياضي تابث من بين جميع الإذاعات العربية في تلك الفترة ولم تسبقها في هذا المجال سوى إذاعة القاهرة .

برامج المرأة والطفل:
كانت برامج المرأة والطفل اسبوعية تقدم من احدى البريطانيات ، وطلب الصافي ان يكون البرنامج يومي لأهميته فأعتذرت فلجأ الى الكادر المحلي ، فكانت اول من لبت النداء هي السيدة (ماهية نجيب) والآنسات ( نبيهة محمد ــ فوزية عمر ــ صفية لقمان ــ نجاة راجح ــ عزيزة عبدالله) ، وبعد ان تحول الى برنامج يومي حمل عنوان (ربات البيوت) وانظم الى اسرته (فوزية غانم) التي نجحت في ابراز مجلة اسبوعية ، وعندما عُينت فوزية غانم
وعديلة بيومي رسمياً في الإذاعة تولت فوزية البرنامج وقفز في عهدها خطوات الى الامام ، كما اهتمت بتقديم برامج اسبوعية خاصة بالاطفال والاغاني الخاصة بهم والتمثيليات ، وبرع في هذا الجانب الاستاذ (علوي السقاف) الذي اشتهر بين الاطفال باسم (بابا علوي)

البرامج الدينية:
تناوب الشيخان الفاضلان المرحومان )علي محمد باحميش ــ محمد سالم بيحاني( على تقديم الأحاديث الدينية صباح كل يوم ، وفي العام 1957م تمكنت اذاعة عدن من نقل آذان المغرب للمستمعين في شهر رمضان من جامع العيدروس وكذا نقل شعائر خطبتي وصلاة الجمعة اسبوعيا عبر الأثير وصلاة العيدين .
 
الأخبار والبرامج السياسية :
لم يكن للإذاعة عند افتتاحها مراسلون لنقل الأخبار ولا اجهزة خاصة بذلك ، وكان المصدر الرئيسي للأخبار هي هيئة الإذاعة البريطانية ، اما الأخبار المحلية فيتم استقاءها من ادارة البرق واللاسلكي وادارة الهاتف وادارة الهجرة والجوازات ، والمذيعان اللذان اشتهرا بتقديم الأخبار آنذاك المذيعان (محمد حامد عبدالغني ــ محمد صالح راج)

البرامج الموسيقية :
 اهتمت الاذاعة بتطوير التراث الغنائي من خلال اعادة تسجيل اغاني المطربين القدامى امثال الشيخ علي ابوبكر واحمد عبيد قعطبي وعلي عبدالله المسلمي وابراهيم الماس وغيرهم ، وافسح لهم المجال فيما بعد لتسجيل انتاجهم مباشرة في الاذاعة مع فرقة موسيقية متكاملة وتحفيزهم مادياً بدفع خمس شلنات مقابل تسجيل كل اغنية ، وسجلت ايضا اغاني بأصوات نسائية جماعية وقد اشترك في هذة التسجيلات الثلاثي اللطيف الذي تكون من الفنانات ( ام الخير العجمي ــ فتحية الصغيرة ــ صباح منصر) كما ظهرت بعد ذلك الفنانة (نبيهة عزيم) بأغاني مشتركة مع الفنانين (ابوبكر سالم بلفقيه ــ محمد صالح عزاني ) وتعد الفنانة نبيهة عزيم اول فنانة جنوبية عدنية تسجل اغانيها في الاذاعة ، وبعدها جاءت رجاء باسودان وصباح منصر . كانت فرقة (خليل محمد خليل) تسجل للإذاعة مجاناً لنشر الأغنية العدنية على اوسع نطاق ، وفرقة (يحيى مكي) التي كان من فنانيها احمد قاسم وعبدالرحمن باجنيد وحسن وحسين الفقيه ومحمد سعيد منصر وفرقة (حسن وحسين خدابخش) التي كان مديرها الفنان الكبير محمد سعد عبدالله ، وبعض التسجيلات الخارجية للموسيقيين من محافظة لحج وحضرموت وابين ، واسهمت الاذاعة في توثيق وتطوير الوان الغناء ( العدني واللحجي والحضرمي واليافعي ) ، وكان (عبدالحميد سلام) يقدم برامج متنوعة وكان اشهرها برنامج مايطلبه المستمعون التي كانت له شعبية واسعة وكان يستلم اسبوعيا مالايقل عن 2200 بطاقة طلب ما ادى الى زيادة وقت البرنامج اليومي في نهاية عام 1961م الى 9 ساعات اسبوعياً .

الدراما الإذاعية :
كان للدراما الإذاعية عظيم الأثر في نفوس المستمعين من المجتمع المحلي ، فقد اشترك فيها كوكبة من الشخصيات الإجتماعية وجلهم من الموظفين والعاملين في الإذاعة ، تميزت الأعمال بالتمثيليات التي كان يحرص المستمعون على متابعتها يومياً ، ومن هذة الشخصيات ( الاديب الشاعر لطفي جعفر أمان) الذي كانت له مواهب متعددة وقدرة على لعب دور اكثر من شخصية في المسرحية الوحيدة و (علوي السقاف ــ محمد مدي ــ ابوبكر العطاس ) ومن خارج الاذاعة (خالد الصوري ــ جميل غانم )
اعمال درامية تمثيليات ومسرحيات كثيرة اذيعت خلال 1957 الى 1962م لعل اشهرها مسلس ( شمسان يتحدث) الذي اشترك فيه مايقرب من 43 شخصية وجميعهم من الموظفين والعاملين في الاذاعة حتى الحرس
فيها تم اشراكهم بأدوار تم تحفيظهم اياها جملة جملة نظرا لأميتهم ، ولكنهم ابدعوا جميعا نظرا لحبهم لهذا العمل.

عدن الغد

"استخدام الإنترنت لدى شباب الرياض" .. دراسة أعدها أساتذة قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض

متابعات إعلامية / الرياض /

أظهرت دراسة علمية حديثة شعور مستخدمي الإنترنت من الشباب في مدينة الرياض بالغربة الاجتماعية، خصوصاً أصحاب الدخول المادية الأقل والتعليم المتدني.

وكشفت الدراسة وجود علاقة عكسية بين مستوى الدخل والاغتراب، إذ يزداد الاغتراب مع انخفاض المستوى الاقتصادي، وقد فسرت الدراسة ذلك بكون الإنترنت تمثل للشاب ذوي الدخل المنخفض مجتمعاً افتراضياً يخلو من الإشكالات التي قد يواجهونها في المجتمع الحقيقي نتيجة فقرهم.

كما أن الشباب من ذوي الدخول المتوسطة والمرتفعة يمكن لهم توفير بدائل ترفيهية أخرى لا يجدها الشباب من ذوي الدخول المنخفضة الذين يرون في الإنترنت وسيلة الترفية الأكثر ملائمة نتيجة انخفاض تكلفتها وتعدد خيارات الترفية التي تتيحها.

وأشارت الدراسة - التي أعدها د.محمد بن سليمان الصبيحي، ود.حمد بن ناصر الموسى من قسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ونشرتها مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعة ذاتها في عددها الأخير لشهر محرم الماضي - إلى وجود تأثير لمتغير العمر، حيث إن الأصغر سناً هم الأكثر احتمالاً لحدوث الاغتراب الاجتماعي.

كما أشارت نتائج الدراسة إلى تأثير الحالة الاجتماعية بين المتزوجين وغير المتزوجين لصالح العزاب، مما يعني أن العزاب المستخدمين للإنترنت أكثر إحساساً بالاغتراب الاجتماعي من نظرائهم المتزوجين.

ولعل ذلك مرتبط بكثافة استخدام غير المتزوجين للإنترنت الذي أثبتت الدراسة ارتباطه الطردي مع الشعور بالاغتراب، إضافة إلى ما تضفيه الحياة الزوجية في المجتمع السعودي من ارتباط الزوج بأسرته، وتقلص وقت الفراغ المتاح أمام المتزوجين.

وكان من اللافت أن هذه الدراسة أظهرت عدم وجود تأثير لمتغير الجنس، حيث لم تكشف وجود فرق بين الذكور والإناث من مستخدمي الإنترنت في درجة الشعور بالاغتراب الاجتماعي، وهي نتيجة تختلف مع الكثير من الدراسات السابقة.

وقد يعود السبب في اختلاف هذه الدراسة عن تلك الدراسات إلى طبيعة المجتمع السعودي التي تفرض على الفتاة البقاء لفترات طويلة في المنزل مما يجعلها تقضي أوقاتاً أطول في استخدام الإنترنت خاصة في ظل التطورات المتسارعة لتقنيات الاتصال بالإنترنت ووجودها في كل منزل تقريباً وبسرعات عالية.

إضافة إلى ظهور مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنتين الأخيرتين مما يجعلها تشكل بديلاً افتراضياً عن المجتمع الحقيقي الموجود في الخارج.

"البيئة الإعلامية الإلكترونية العربية" تحــولات عـاصفــة وانبثـاقــــات متجـددة

متابعات إعلامية / كتب / د. السيد بخيت
مع انتشار التقنيات الحديثة للاتصال، وتزايد تطبيقاتها في مجال الإعلام، وخاصة على الإنترنت، بدأت تظهر أنواع جديدة من الصحافة، كما بدأت تتغير معالم صناعة المضامين الإعلامية، سواء من حيث طبيعة المساهمين فيها أو أشكالها، أو الوسائل التي يتم الاعتماد عليها في توصيل هذه المضامين. وفي هذا السياق الجديد، بدأ الجمهور/ المستخدم يلعب دوراً محورياً في العمل الإعلامي، حيث لم يعد متلقياً فقط، بل منتجاً ومشاركاً، كما بدأت وسائل الإعلام في التجاوب التدريجي مع هذه التحولات سواء من حيث البحث عن طرق جديدة لتوصيل محتواها الإعلامي تتلاءم مع طبيعة مستخدميها، أو إفساح المجال للجمهور/المستخدم للمساهمة في صناعة محتواها الإعلامي، باعتبار أن تمكين الجمهور إعلامياً، يساعدها في الاحتفاظ به، ويدعم مكانتها المعنوية وإمكانياتها الاقتصادية، ويثرى مضامينها، كما يتلاءم مع طبيعة التطورات الحديثة في صناعة الإعلام، ويمكنها من استيعاب الأنواع الصحفية الجديدة في إطارها، دون أن تشكل منافساً جديداً لها.
ومع ظهور أنواع جديدة من الصحافة كصحافة المواطن وصحافة المشاركة والصحافة التعاونية وصحافة المدونين..إلخ، بدأت تظهر العديد من التحديات أمام الأدوار والمهام التقليدية التي يمارسها الإعلامي العربي، مع ظهور منافس جديد له يقوم بذات المهام التي يتولي القيام بها، في وقت بدأت فيه المؤسسات الإعلامية الغربية البارزة تعتمد بشكل كبير على هذه الأشكال الجديدة من الصحافة وتحاول الاستفادة من المضامين التي ينتجها المستخدمون في أشكال إعلامية مختلفة، تعود بالعديد من الفوائد عليها مادياً ومعنوياً وجماهيرياً. وعلى الجانب الآخر لا تزال العقلية التقليدية تسود واقع الممارسات الإعلامية في البيئة الإعلامية العربية وخاصة الإلكترونية، فلا يزال الصحفيون مترددين في الاستعانة بهذه الأشكال الجديدة، ولايزالون ينظرون نظرات شك وحذر وتخوف من هذه الأنواع الجديد من الصحافة، ومن ثم تبدو الساحة الإعلامية العربية وخاصة الإليكترونية في حالة ضبابية، ما بين منظومة الممارسات الإعلامية التقليدية التي تعطي للصحفي الكثير من النفوذ والهيمنة على ما ينشر ويبث من مضامين إعلامية، وما بين الأطروحات الجديدة من الممارسات الإعلامية التي تدشن لعالم جديد أكثر انفتاحاً وشفافية وإتاحة للفرص أمام مصادر إعلامية جديدة يمكن أن تساهم في تغيير المنظومة الإعلامية العربية.
فما هو إعلام المستخدم أو ما يعرف بالمضامين التي ينتجها المستخدمون؟ وما هي أبرز المصطلحات والنماذج والمفاهيم ذات الصلة؟ وما هي العوامل المؤثرة في تشكيله؟ وكيف تطور؟ وإلى أي مدى توفر البيئة الإعلامية العربية الظروف المهيئة لتطور صناعة المضامين الإعلامية العربية الإلكترونية؟ وإلى أي مدى يسمح الصحفيون العرب بمشاركة المستخدمين العرب في صناعة المضامين الإلكترونية ، وما هي أبرز العوامل التي تحد أو تؤثر في إسهام المستخدم العربي في صناعة المضمون الإعلامي الإلكتروني على المواقع العربية الإعلامية على الإنترنت؟ وهل البيئة الإعلامية العربية مهيئة لتمكين المستخدمين العرب من ممارسة أدوار إعلامية جديدة في البيئة الإلكترونية؟ وما هو مستقبل إعلام المستخدم؟
التحــــولات فـي صناعـة المضـامين الإعلاميـــة وأدوار المستخدميـن
يعد مفهوم المضامين التي ينتجها المستخدم User Generated Content) UGC) من أحدث المفاهيم المرتبطة بصحافة الإعلام الجديد. وهو مفهوم يعد تطوراً لمفاهيم سابقة شغلت الدراسات الصحفية في السنوات القليلة الماضية مثل مفهوم التفاعلية(Interactivity)،وصحافة المواطن(CitizenJournalism)،وصحافة المشاركة (Participatory Journalism).
ومع انتشار وتزايد أهمية ومكانة وسائل الإعلام الجديدة، بدأ هذا المفهوم يحظى باهتمام بعض الباحثين، باعتباره يعكس تحولاً جذرياً في المفاهيم الصحفية التقليدية، وطبيعة العلاقة بين المشاركين والمستهدفين من العمل الصحفي. وقد دفعت عدة عوامل باتجاه انتشار هذا المفهوم؛ من بينها: تصاعد أهمية الإنترنت لتمتعها بالعديد من السمات التي تمكن المستخدمين من إنتاج مضامينهم بأنفسهم ونشرها بيسر وسهولة، وكذلك الاعتماد المتزايد على الرقمنة في العمل الإعلامي، وسهولة التواصل والاندماج بين الأجهزة المستخدمة في إنتاج هذه المضامين وانتشار مساهمات المستخدمين في ساحات ومنتديات الإنترنت والمدونات والمواقع المختلفة، وعبر الوسائل التفاعلية المتنوعة، وتصاعد التنافس بين المؤسسات الإعلامية لشراء أكثر المواقع استضافة لمضامين المستخدمين كما حدث مع موقع يوتيوب. وهي مساهمات من المتوقع أن تتضاعف بتطور web 2.0، وهو مظلة توفر العديد من الأشكال التفاعلية التي تسمح للمستخدمين بتقاسم وتشارك المعلومات مع بعضهم البعض.
وقد برزت أهمية مفهوم المضامين التى ينتجها المستخدمون في أعقاب بعض الأحداث العالمية البارزة والكوارث الكبرى مثل كارثة إعصار تسونامي في نهاية 2004، وهجمات لندن سنة 2005، وأحداث لبنان سنة 2006، حيث لعب المواطن العادي دوراً مهماً في تغطية هذه الأحداث سواء كشاهد عيان أو كصحفى أو كناشر للمعلومة والصورة والفيديو..إلخ، وباستخدام تقنيات بسيطة مكنته من منافسة أعتى الوسائل الإعلامية التقليدية، وتحقيق بعض الانفرادات الصحفية التي لم تتيسر لهذه الوسائل، وقد دفع نجاح مثل هذه التجارب بعض المؤسسات الإعلامية البارزة لإعطاء مساحة اهتمام أكبر للمضامين التي ينتجها الجمهور، وتضمينها تغطيتها الإعلامية.
أشكال وأنواع إعلام المستخدم
تظهر المضامين التي ينتجها مستخدمو وسائل الإعلام الجديدة على المواقع الإعلامية وغيرها في عدة أشكال، منها: مقاطع الفيديو، وقصاصات الصور، والقصص الإخبارية، والتنبيهات الإخبارية، والملفات، والصور، والأفلام التي يتم تبادلها فيما بينهم، والتعقيب على المقالات والصور والأفلام والمدونات والبودكاست والمواقع العامة التي تقوم على مشاركات جماعية والويكيز (Wikis)، والتويترز (Twitters)، والمصادر ذات المساهمات المفتوحة مثل الويكبيديا، واليوتيوب، وحجرات الدردشة والنقاش وجماعات الأخبار، والاستطلاعات والمسوح..إلخ.
وقد تنوعت تعريفات الباحثين لمفهوم المضمون الذي ينتجه المستخدمون، ومنها: أنه أي مضمون ينتجه مستخدمو وسائل الإعلام الجديدة بأنفسهم، وبشكل مستقل عن أي مؤسسة إعلامية أو غير إعلامية، ويستهدف مستخدمين آخرين، ويؤكد المفهوم على مبادئ المساهمة الجماعية والتطوعية والاختيارية من قبل المستخدمين، وعلى تنوع وتعدد وجهات النظر والمعلومات والآراء المطروحة من قبل المستخدمين الذين ينتمون لفئات عمرية وجغرافية وثقافية متنوعة، وعلى تقاسمهم وتشاركهم للمعلومات والأخبار والصور مع غيرهم من المستخدمين.
أهمية إعلام المستخدم
للمضامين التي ينتجها المستخدمون أهمية كبيرة في العمل الإعلامي، فهي تزود المؤسسات الإعلامية بمصدر ثري من المعلومات والأخبار، يقوم بإنتاجها فريق عمل جماعي تطوعي، يرغب في تطوير وإثراء المهنة، ومشاركة المعلومة والخبر والحدث والصورة مع الآخرين. كما تفيد هذه المضامين في تشكيل رأي عام جماعي فاعل ونشط، واكتشاف وتنمية المواهب الإعلامية لدى المستخدمين وتحويلهم من مستقبلين سلبيين إلى نشطاء فاعلين في صناعة الأحداث وفي بناء الأجندة الإعلامية، كما تزود المؤسسات الإعلامية بشهود عيان عديدين للأحداث، وبما يمكنها من تنويع مصادر موضوعاتها الصحفية. وتبزر أهمية هذه النوعية من المضامين في أوقات الأزمات والكوارث والأحداث الكبرى، وكذلك في الحالات التي تفرض فيها السلطات حظراً على وسائل الإعلام التقليدية. بالإضافة لذلك فهي توفر مضامين صادرة عن مصادر مستقلة لاتنتمي غالباً لجهات تجارية أو سياسية أو متحيزة لجهة معينة دون غيرها، فضلاً عن قلة الجهد المبذول في إنتاجها بفعل مساعدة أجهزة الكمبيوتر في جمع مادتها وتحريرها وإرسالها وتخزينها واسترجاعها بسرعة وسهولة وبتكلفة يسيرة، مع إمكانية تخصيص/شخصنة طريقة إنتاجها وشكلها وأسلوبها وفقاً لاهتمامات ورغبات المستخدمين.
نشأة المفهــوم وتطـوره وتحــولاته
بالرغم من التطور الكبير في مجال صناعة المستخدمين للمضامين، إلا أن وسائل الإعلام التقليدية قد شهدت من قبل حالات مماثلة من التعاون بين الجمهور وبين هذه المؤسسات في إنتاج مثل هذه المضامين، ومن أشهرها: بريد القراء، والرد على استفسارات الجمهور، بيد أن هذه الظاهرة شهدت تحولات كثيرة في السنوات القليلة الماضية في عالم الإعلام والصحافة، وخاصة مع تزايد الاعتماد على الإنترنت سواء من قبل الجمهور أو من قبل وسائل الإعلام، لتمتعتها بسمات وخصائص لا تتوافر في البيئة الإعلامية التقليدية، وعلى رأسها خاصية التفاعلية، وهي الخاصية التي مثلت البداية الحقيقية لمفهوم المضامين التي ينتجها المستخدمون.
وقد تحول الاهتمام في السنوات الماضية إلى الحديث عما يعرف بصحافة المواطن(CitizenJournalism) أو الصحافة القاعدية (GrassrootsJournalism), وهو المفهوم الذي دعا إليه دان جليمور (Dan Gillmor) في عام 2004، وعلى أثر هذه الدعوة، ظهرت عدة تيارات بحثيّة تدعو للاهتمام بهذه الأنواع الجديدة من الأشكال الصحفية، وإلى إحداث تغييرات جذرية في الممارسات الصحفية والإعلامية المتبعة في وسائل الإعلام التقليدية، وبما يساعد على الاستفادة من هذه النوعية الجديدة من الصحافة، وضرورة تخلي الصحفيين عن سلطتهم المطلقة في التعامل مع كل مراحل إنتاج المضامين الصحفية والإعلامية، والسماح بمشاركة المستخدمين في بعض مراحل هذه العملية سواء في عملية إنتاجها أو إدراتها، وأن تتخلي الصحافة عن الصورة التقليدية لتدفق الأخبار والمعلومات، وأن تتبنى توجُّهاً أفقيّاً من أسفل لأعلى، لاستيعاب المضامين التي يوفرها الإعلام الجديد، مع البحث عن سبل جديدة لزيادة مساحة الاستفادة المتبادلة بين وسائل الإعلام التقليدية والإليكترونية، وتعزيز التعاون بين الصحفيين المحترفين والمستخدمين الهواة.
للمضامين التي ينتجها المستخدمون أهمية كبيرة في العمل الإعلامي، فهي تزود المؤسسات الإعلامية بمصدر ثري من المعلومات والأخبار، يقوم بإنتاجها فريق عمل جماعي تطوعي، يرغب في تطوير وإثراء المهنة، ومشاركة المعلومة والخبر والحدث والصورة مع الآخرين. كما تفيد هذه المضامين في تشكيل رأي عام جماعي فاعل ونشط، واكتشاف وتنمية المواهب الإعلامية
ويمكن رصد أبرز التحولات ذات الصلة بصناعة المضامين الإعلامية والتي حدثت في السنوات الأخيرة كالتالي:
(1)-
التحول في المصطلحات والمفاهيم المستخدمة، إذ بدأ البعض يتحدث عن نهاية مصطلح الجمهور التقليدي (audience)، والدعوة لاستبداله بمصطلح المستخدمين(Users)، باعتباره يتجه مباشرة للمعنيين بالتواصل مع هذه المواقع والجمهور الفعلي لها، وباعتباره يتصل مباشرة بالأفراد الذين يقومون بالفعل بتغطية الأحداث والتعليق عليها وتحليلها، وباعتبار أن العلاقة بين الجمهور والوسائل الجديدة لم تعد قائمة على التلقي بمعناه الكلاسيكي، أي عبر المشاهدة والاستماع والقراءة، بل على الاستخدام النشط عبر سلسلة لامتناهية من العمليات (النسخ، الطباعة، إرسال المقالات، إعادة نشر موضوعات على الشبكات الاجتماعية والتعليق عليها وتصنيفها ونصح الآخرين بتصفحها..الخ).
(2)- التحول في الأدوار التي يقوم بها الصحفيون في البيئة الإليكترونية، إذ لم يعودوا يمارسون الدور التقليدي لحارس البوابة، بقدر ما يقومون بتسهيل تدفق المعلومات بين الأطراف المشاركة في إنتاجها، كما أصبحت علاقتهم بهذه الأطراف أكثر تفاعلية ومشاركة وديمقراطية في إنتاج المضمون، أكثر من كونها علاقة ذات اتجاه رأسي، يكتفي فيها الجمهور بتلقي ما يملى عليه.
(3)- تنوع مصادر المعلومات، حيث لم تعد المعلومة والخبر والرأى حكراً على طرف دون غيره، بل أصبح بمقدور الجميع المساهمة في إنتاج المضامين المختلفة، حيث ظهرت أطراف أخرى بمقدورها أن تمارس سلطة مماثلة تقريباً للسلطة التي تمارسها وسائل الإعلام في البيئة التقليدية، مع تنوع وتعدد الفرص التي تتيحها الإنترنت من أجل سماع أصوات متنوعة ومتعددة ومتباينة في ساحة مفتوحة.
(4)- حدوث تحول في المفاهيم الإدارية الإعلامية، ومن أبرز ملامحه غموض التفرقة بين المنتجين والمستهلكين، وهو ما أثار نقاشاً حول كم المنتج والمقروء والمستهلك من هذا المنتج، وحول ما تمثله هذه المضامين من توفير موارد مادية للمؤسسات الإعلامية، ومن إمكانية الاستفادة منها في زيادة رقعتها الإعلانية، وتسويق المؤسسة وسمعتها ومنتجاتها ، كما بدأت بعض المؤسسات الاعلامية والترفيهية تتخوف من زيادة رغبة المستخدمين في إنتاج المضامين الخاصة بهم، وتعتبره تهديداً لها، فهم منافسون جدد، ولا يقل تأثيرهم عن تأثير التطورات التكنولوجية المتسارعة، أو المنافسين التقليديين.
(5)- ظهور تحولات إيجابية وأخرى سلبية في الممارسات الصحفية، حيث تساعد هذه المضامين في إثراء وإغناء الحوار العام والنقاش الجماعي وتنشيط الحياة الديمقراطية في المجتمعات، وإعادة صياغة مفهوم صناعة الأخبار، واستحداث فنون توصيل صحفية جديدة، وتوسيع دائرة تغطية الأحداث، وإدراج مصادر جديدة، وتوسيع دائرة المشاركين في جمع وتحرير وإنتاج الأخبار. وفي المقابل أسفرت هذه الظاهرة عن ظهور مضامين ناتجة عن سياق غير مؤسسي، وغير ملتزمة بالتقاليد المهنية التقليدية، وبخروج بعضها عن أخلاقيات العمل الصحفي، و اختلاطها بالمواد الإعلانية في الكثير من المواقع الإعلامية.
(6)- طرحت هذه التحولات عدة تساؤلات جديدة، حول الدرجة المسموح بها للمستخدمين في المشاركة في إنتاج مضامين المواقع الإعلامية، وطبيعة الدور الذي يمكنهم القيام به، وإلى أي مدى يمكن الاستعانة بهم في المراحل المختلفة من العملية الصحفية، وهل ستطبق على إنتاجهم نفس المعايير المطبقة على إنتاج الصحفيين المحترفين؟ وحدود حرية المستخدمين، وطرق تحفيزهم للمشاركة المتواصلة، ومدى ولاء وإخلاص المستخدم لموقع ما دون غيره، والمبادئ والأسس التي يجب أن تحكم العلاقة بين الموقع الإعلامي وبين المستخدمين.
(7)- إعادة قراءة علاقة الجمهور بوسائل الإعلام في إطار إبستمولوجي جديد، يحاول تفسير أسباب تلكؤ بعض الصحف عن مسايرة التطورات الجديدة في المجال الإعلامي، بالمقارنة بين رؤيتين تتبنى الأولى تصوراً يرى أن السبب وراء هذا البطء هو تحكم ذهنية النشر الورقي في وسائل الإعلام التى انتقلت مؤخراً للبيئة الإليكترونية، وسعيها لحماية وسائل الإعلام التقليدية من إمكانات التنوع والتعدد والانفتاح التي تتيحها هذه الوسائل الجديدة، وذلك في مقابل رؤية جديدة للإعلام ولوظائفه الثقافية والسياسية والجمهور، تقوم على تصور تعدد المنتجين في صناعة المضامين الإعلامية، وعلى ضرورة تبني قيم التفاعلية والتعددية والانفتاح والحوار بين كل الأطراف المعنية بالعمل الإعلامي.
إعلام المستخدم في البيئة الإعلامية الإليكترونية العربية
تكشف الدراسات التي أجريت على إعلام المستخدم عن قلة مساهمة المستخدمين العرب في تزويد المواقع بالمضامين الإعلامية التي يمكن أن تثريها، وانحصرت هذه الإسهامات غالباً في التعليق على بعض الأخبار والمقالات والصور، دون مشاركة حقيقية في إنتاج مضامين تنشر في شكل أخبار ومقالات وفيديوهات وصور، تبث على المواقع الإعلامية المحترفة، وإن وجد هذا النوع من الإعلام في صحف إليكترونية خاصة ومدونات شخصية وفيديوهات تبث على المواقع الشهيرة مثل يوتيوب. وقد تزايدت إنتاجية هذا النوع من الإعلام الجديد في ظل ربيع الثورات العربية التى حمست الكثيرين وخاصة الشباب ليكونوا شهوداً إعلاميين على الأحداث.
وعلى الجانب الآخر ، فإن معظم المواقع الإعلامية العربية المحترفة لا توفر أشكالاً مناسبة ومحفزة للمستخدمين للمساهمة في تزويدها بمضامين إعلامية، ولا تهتم بشكل كبير بتعريف المستخدمين بسبل التواصل معها وتحميل موادهم الإعلامية على صفحاتها، كما لا تستضيف مدوناتهم، أو مدونات الإعلاميين العاملين بها، ويغيب عنها الكثير من الأشكال التفاعلية التي يمكن أن تحفز المستخدمين على المساهمة بشكل أكبر على صفحاتها.
ويمكن تصنيف المواقع الإعلامية العربية إلى فئات من حيث مدى اهتمامها بتضمين مواقعها هذه المساهمات:
(1)-
مواقع عبارة عن نسخة رقمية للصحيفة الورقية، ولا تستفيد على الإطلاق من البيئة الإليكترونية وإمكانياتها، إلا في إتاحة هذه الصحيفة الورقية على الإنترنت، بل وتختفي من على مواقعها الأشكال التفاعلية البسيطة التي تسمح للمستخدم بمشاركة الآخرين لمحتوياتها.
(2)-
مواقع لا تنشر أية إسهامات للمستخدمين على الإطلاق، ولكن تضع على صفحاتها بعض الأدوات التي تمكن المستخدمين من مشاركة مضامينها مع آخرين.
(3)-
مواقع تقف في منطقة وسطى، ما بين تفعيل الاستفادة من مساهمات المستخدمين بشكل يسهم في إثراء مادتها وما بين غياب أدوات عديدة تسمح بوجود إنتاج حقيقي للمضامين من قبل المستخدمين، مثل مواقع قناة الجزيرة والعربية وصحيفة القدس.
كما تكشف الدراسات عن وجود رؤية مترددة وغير واضحة المعالم لدى المشرفين على إدارة محتوى المواقع الإعلامية العربية حول المضامين التي ينتجها المستخدمون، فبينما يرون أنها مهمة ومفيدة ومميزة، ويمكن الاعتماد عليها، إلا أنها لا تنشر على مواقعهم.
كما تكشف الدراسات أنه بالرغم من اقتناع هؤلاء المشرفين بأهمية المضامين التي يزودهم بها المستخدمون من صور وتعليقات وغيرها، فإن لديهم جملة تصورات سلبية فيما يتعلق بهذه المضامين، حيث يرون اقتصارها على التعليق على ما ينشر بالفعل، بينما لم يتطرقوا لإمكانية مساهمة المستخدمين في إنتاج أخبار ومقالات صالحة للنشر على هذه المواقع، مع عدم إمكانية الاعتماد على المستخدمين كصحفيين ومحررين.
ومن ناحية أخرى تكشف الدراسات عن عدم وجود اتجاهات إيجابية لدى المستخدمين العرب إزاء إنتاج المضامين المنشورة في المواقع الإعلامية العربية، واكتفائهم بدور المتلقي غالباً، وفي بعض الأحيان بدور المعلق والمعقب على بعض الأخبار والمقالات، دون الاضطلاع بدور منتجي أعمال إعلامية صالحة للنشر، فضلاً عن وجود بعض التصورات السلبية التي تعوق دون تطوير مثل هذه المساهمة. ولكن من ناحية أخرى يوجد هؤلاء المستخدمون على مواقعهم وصفحاتهم الخاصة.
العوامل المؤثرة في إعلام المستخدم عربياً
ترجع أسباب قلة إنتاج مستخدمي الإنترنت العرب لمضامين صالحة للنشر في المواقع الإعلامية العربية لعدة عوامل أهمها عوامل تنظيمية ومؤسساتية خاصة بهذه المواقع ومن بينها: عدم إتاحة هذه المواقع لأشكال تسمح للمستخدمين بتضمين مضامينهم ضمن صفحاتها، وعدم توضيحهم لطرق إرسال المواد إليهم، وعدم توضيحهم لسياستهم في النشر، فضلاً عن عدم ترحيب بعضهم بنشر كل الآراء والاتجاهات، ومرور بعض المواد المرسلة بمرحلة تنقية قبل السماح بوضعها على صفحات المواقع، وعدم وجود تفاعل حقيقي بين القائمين على إدارة محتوى هذه المواقع وبين المستخدمين، وعدم مكافأتهم للمستخدمين جراء تزويدهم لها بهذه المضامين. كما أن هناك عوامل أخرى خاصة بهؤلاء المستخدمين وراء قلة مساهماتهم منها: عدم معرفتهم بطرق إرسال مواد إعلامية لهذه المواقع، وتخوف البعض من عواقب النشر لآراء تخالف بعض الأوضاع السياسية، وعدم اعتياد عدد كبير من المستخدمين على ثقافة العطاء والتواصل وتشارك المعلومات والأخبار مع الآخرين، وعدم وجود حافز مادي أو معنوي في مقابل المضامين التي يقومون بإنتاجها، وكذلك عدم توافر بعض الإمكانيات التقنية لديهم، وعدم تشجيع المناخ الثقافي العام لثقافة الحوار والمشاركة.
إعلام المستخدم عربياً إلى أين؟
يبقى السؤال حول مستقبل هذه النوعية من الإعلام الجديد في الوطن العربي، حيث تشير كل المؤشرات إلى تعاظم دور هذا النمط من الإعلام الجديد بالرغم من المعوقات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، في ظل وجود عدة قراءات لمستقبله: حيث تتوقع الرؤية الأولى نمو هذه النوع الجديد من الإعلام، مستقلاً عن وسائل الإعلام التقليدية، ليخلق لنفسه مضامينه وقواعده وأعرافه وتقاليده وممارساته الصحفية الخاصة، وسقوط الفوارق بين أنماط العمل الصحفي «الصحافة المكتوبة أو التليفزيون أو الإنترنت» ونهاية التنظيمات الهرمية والأنظمة الشكلية، وصعود النموذج الإعلامي القائم على أسلوب الهاوي- المحترف وتألقه، وسقوط الحدود بين المنتجين والمستهلكين، وازدهار الشبكة الاتصالية كأداة للكل لإسماع صوتهم. والرؤية الثانية، ترى أن الإعلام الجديد سوف يزامل ويقاسم الوسائط الإعلامية التقليدية الفضاء الإعلامي، لكنه لن يكون أبدا بديلاً عنها.
والرؤية الثالثة ترى أن بقاء أو زوال هذه النوعية الجديدة من الإعلام مرتبط بقدرته على التكيف مع النموذج الاقتصادي لعالم اليوم.
وأيّاً ما يكن مستقبل هذا الإعلام، فمن الأفضل السعى لتطويره ككيان مستقل له آلياته وتقنياته وصحفيه وممارساته، باعتبار أنه يمثل نموذجاً جديداً ومغايراً، وكذلك تطوير المؤسسات الإعلامية لآليات وأشكال جديدة تسمح لها بالاستفادة من مضامين المستخدمين ضمن جرعتها الصحفية والإعلامية التي تقدمها لجمهورها، مع تطوير شبكة اتصالات محترفة ومهنية مع مستخدميها، تمكنها من تطوير تغطيتها الصحفية، وتعزيز مكانتها الجماهيرية، وتطوير مجالات الحوار والنقاش وتفعيل التعددية والتنوع والحياة الديمقراطية في المجتمع.
. 1-Gillmor, D. (2004). We the media: Grassroots journalism by the people, for the people, Sebastopol: Farnham: O’Reilly..
2-Hermida, A., & N. Thurman. (2007)“Comments Please: How the British News Media is Struggling With User-Generated Content.” In 8th International Symposium on Online Journalism. Austin: University of Texas. Online, 2007.
. Paulussen, S. (2004) ‘3-Online News Production in Flanders. How Flemish OnlineJournalists Perceive and Explore the Internet’s Potential’, Journal ofComputer-Mediated Communication, 9(4).
. 4-Paulussen, Steve, Ugille, Pieter, (2008) User Generated Content in the Newsroom: Professional and Organizational Constraints on Participatory Journalism, Westminster Papers in Communication and Culture (University of Westminster, London), Vol. (2):24-41. 5-Thurman, Neil (Feb.2008) ‘Forums for Citizen Journalists? Adoption of User-generated Content Initiatives by Online News Media’, New Media and Society 10(1): 139–57.
. 6-Thurman, Neil. and Hermida, A. (2008) A clash of cultures: The integration of user-generated content within professional journalistic frameworks at British newspaper websites.?Journalism Practice 2(3)
7-
الصادق الحمامي، تجديد الإعلام، مناقشة حول هوية الصحافة الاليكترونية، المجلة العربية لعلوم الاتصال، السعودية.
8-
السيد بخيت، صناعة المضامين الإعلامية في البيئة الإعلامية الإليكترونية، دراسة في المفهوم وبيئة العمل، دورية الرأي العام، كلية الإعلام، جامعة القاهرة، يونيه 2008.