متابعات إعلامية / كتب/ عبدالقادر بن شهاب *
أتاحت تكنولوجيا الإتصال الحديثة للبشرية آفاقا رحبة في تطور وسائل الإتصال لتصبح المعلومة في متناول الجميع في أي وقت وفي أي مكان بعد ما كان في السابق من الصعب الحصول على المعلومة ونشرها في أكبر مساحة وأوسع جمهور، وقد استفادت الصحافة كغيرها من وسائل الإعلام من الدخول الى حلبة المنافسة بينها وبين الوسائل الاخرى من راديو وتلفزيون لتصبح معظم الصحف والمجلات على وسائط الكترونية استطاعت ان تصل الى كل بيت والى كل شخص أينما كان.
وفي هذه الألفية الجديدة برزت في ساحة الصحافة الإلكترونية العديد من المواقع الإخبارية الإلكترونية على شبكة الإنترنت لتواكب مجريات الأحداث أولا بأول ولحظة بلحظة حتى صارت المواقع الإخبارية مشحونة بهذا التنافس الاخباري الملحوظ الذي لم نعهده من قبل رغبة منها في الفوز بالسبق الصحفي ليكون الموقع الإلكتروني الإخباري حاضرا في قلب الحدث وفي قلوب متابعيه وجمهوره.
جميلٌ هذا التنوع والتعدد في الكم الكبير من هذه المواقع الإلكترونية الإخبارية ليفتح الباب أمام عصر جديد من المنافسة الإخبارية بين كل موقع وآخر ونجد أنفسنا أننا أمام تناول إعلامي جديد متعدد مستخدما كل الوسائط الإعلامية المتعددة في كيفية الصياغة الإعلامية وكيفية طرح المحتوى الإعلامي وطبيعة وأسلوب المعالجة الإعلامية في كل قضية من قضايا المرحلة الجديدة.
وفي صحافتنا الإلكترونية اليمنية على المستوى المحلي رأينا كم هي النقلة النوعية في تزايد عدد المواقع الإلكترونية الإخبارية التي يبذل أصحابها جهدا في كتابة المادة الإخبارية وتجهيزها حتى ترى النور على صفحات هذه المواقع الإلكترونية، ليبدأ الجمهور في اختيار موقعه الإخباري المحبب له وفقا وأجندته العامة والخاصة واهتماماته فقد تنوعت هذه المواقع ما بين المواقع الحكومية والحزبية والمستقلة والى آخرها.
ومع تفاؤلنا بهذه النقلة النوعية في صحافتنا الإلكترونية المحلية وبرغم كل الإمكانيات الصعبة والمعوقات التي وقفت أمام محرري وصحفيي هذه المواقع الاخبارية والتي تم تجاوزها بفضل العزيمة القوية من قبل ملّاك ومحرري هذه المواقع الإخبارية، إلا أنه وللأسف الشديد نجد أن هناك بعض التجاوزات الخاطئة التي قد تكون غير مقصودة أو ربما تكون مقصودة بعلم أو بغير علم سواءا من قبل الصحفيين أوالمراسلين أو المحررين أو حتى من قبل ملّاك هذه المواقع الإلكترونية والذين لهم كلمة الفصل في نشر المحتوى الخبري أو عدم نشره على صفحات الموقع.
من هذه التجاوزات الخاطئة مشكلة ( كوبي بيست - paste copy & – نسخ ولصق ) فما أن يقوم موقع إخباري إلكتروني محلي بنشر "محتوى إلكتروني" معين سواءا كان خبر أو تقرير أو تحقيق أو مقال، وما هي إلا ثواني أو دقائق معدودات على أبعد تقدير لنجد نفس "المحتوى الإلكتروني" منشور على عدة مواقع إخبارية أخرى بنفس العنوان والتفاصيل ومن دون الإشارة للمصدر الرئيسي للخبر، حتى أن محرري الموقع لا يبذلون أدنى جهد حتى في تحرير المحتوى الإلكتروني من جديد، أو يقوموا بتغيير العنوان أو بعضا من فقرات المحتوى الإلكتروني، وبالتالي نجد أن المحتوى الإلكتروني المنشور في موقع معين هو نفسه منشور في موقع الكتروني آخر وفي أكثر من موقع يتكرر نفس هذا المحتوى الإلكتروني، فلا نجد هناك فرقا بين موقع وموقع إلكتروني آخر فنفس الأخبار والمقالات هي موجودة وتتكرر بنفس العناوين ونفس التفاصيل في المواقع الأخرى وبالتالي لا نكتشف أنّ هناك إضافة نوعية للمادة التحريرية الموجودة على صفحات هذه المواقع، بل نصل إلى نتيجة وللأسف الشديد أنّ هناك نسخة مكررة من هذه المواقع الإخبارية الإلكترونية على شبكة الإنترنت، فلا يوجد فرق بين موقع وموقع آخر إلا في إسم الموقع أو في الإستايل الخاص به أو في الترويسة التي تميزه عن غيره.
مشكلة "كوبي بيست" هذه أدت إلى أزمة التكرار الممل "للمحتوى الإلكتروني" سواء أخبار أو مقالات أو تقارير والتي نراها تتكرر من موقع إخباري إلى آخر وهذا تجاوز خاطئ قد يؤدي إلى فقد الثقة في هذه المواقع وبالتالي تفقد المواقع الإخبارية شعبيتها وقراؤها ومعجبيها ومتابعيها وجمهورها العريض ليصل بالمواقع إلى تشتت تركيز الجمهور على صحيفتها الإلكترونية وبالتالي يخلق ملل من زيارة وتصفح صفحات هذه المواقع الإخبارية.
يمكننا القول أن من أسباب أزمة "كوبي بيست" هو غياب تقنين يحكم الصحافة الإلكترونية كقوانين ترخيص إصدار وإطلاق المواقع الإلكترونية وتشريعات مواثيق شرف أخلاقية تنظم العمل الصحفي الإلكتروني لهذه المواقع الإخبارية الإلكترونية وعدم وجود ضوابط فكرية تحكمها كقوانين حماية حقوق الملكية الفكرية الإلكترونية وحماية حقوق المحتوى الإخباري الإلكتروني وتنظيم مسائل جرائم النشر الإلكتروني كجريمة السرقة الإلكترونية للمحتوى الإلكتروني على قاعدة "كوبي بيست" – النسخ واللصق - التي يستخدمها بعض الصحفيين.
في ختام مقالي هذا .. أقول .. كم نحن فخورين بهذا المستوى المشرّف الذي وصلت إليه صحافتنا الإلكترونية المحلية الممثلة بالمواقع الإلكترونية الإخبارية والتي أشبعت رغبتنا في معرفة كل ما يجري في وطننا الحبيب لكننا بحاجة ماسة إلى العمل بمسؤولية مهنية وأخلاقية في النشر الصحفي الإلكتروني حتى تتنوع مادة المحتوى الإلكتروني وتتعدد فنونه الصحفية ونتخلص شيئا فشيئا من ثقافة "الكوبي بيست – النسخ واللصق" .