السبت، 16 يونيو 2012

بعد 40 عاما من فضيحة «ووترغيت».. الصحافة الاستقصائية في خطر .. بطلا القصة تعرضا للتشكيك من قبل وسائل الإعلام الإخبارية وتعرضا لانتقادات كبيرة من إدارة نيكسون

متابعات إعلامية / واشنطن: ليونارد دوني*

لم تكن فضيحة «ووترغيت» بداية مولد الصحافة الاستقصائية في الولايات المتحدة، لكن هذا الفرع من الصحافة ضرب بجذوره في الصحافة الأميركية، ولا يزال ينتشر بشكل مضطرد حول العالم بسبب «ووترغيت».
لكن الصحافة الاستقصائية تدخل في الوقت الراهن، بعد 40 عاما من كتابة بوب وودوورد وكارل برينستين أول مقالاتهما عن اقتحام مقر اللجنة الوطنية الديمقراطية في مبنى «ووترغيت» في العاصمة واشنطن، منعطفا خطيرا نتيجة إعادة الهيكلة الرقمية الفوضوية للصحافة في الولايات المتحدة، وتحول الصحافة الاستقصائية التي تستخدم الموارد بكثافة إلى عبء على الصحف التي تعاني من انخفاض نسبة توزيعها والتي تجاهد لاستعادة مكانتها السابقة والنجاة من المأزق الذي تعيشه حاليا. في الوقت ذاته، تعاني المؤسسات غير الربحية الساعية إلى ملء هذه الفجوة من هشاشة مالية، والشكوك حول قدرتها على الاستمرار.
وقد شهدت الصحافة الاستقصائية على مدى تاريخها حالات من المد والجزر، تطورت من حقبة موزعي النشرات الثورية الذين تعرضوا لاعتداءات من قبل البريطانيين والآباء المؤسسين، إلى كاشفي الفضائح في بداية القرن العشرين، الذين كانت صحفهم ومجلاتهم وكتبهم تقوم بفضح عمليات الاحتكار التي تقوم بها بعض الشركات والفساد الحكومي، وساعدها في ذلك قانون خرق الثقة الذي أقره تيدي روزفلت وإنشاء إدارة الغذاء والدواء الأميركية والانتخاب الشعبي لمجلس الشيوخ.
دخلت الصحافة الاستقصائية فترة سبات خلال الحرب العالمية الثانية، والكساد العظيم، وقمع المعارضين في حقبة مكارثي.. لكنها عاودت الظهور مرة أخرى في بداية الستينات، وسط الغضب العام بشأن الحقوق المدنية والانشقاق الثقافي والحركات المعارضة لحرب فيتنام.
وقد كنت أحد أفراد مجموعة صغيرة، لكنها آخذة في التزايد، من الصحافيين الاستقصائيين في الصحف الأميركية في ذلك الوقت. وقد لعبت السلسلة التي نشرتها عام 1966 في صحيفة «واشنطن بوست» بشأن القضاة غير الأكفاء، والمحامين الجشعين، وأحياء الفقراء في العاصمة، ومحكمة الجلسات العامة، دورا في إلغاء واستبدال المحكمة العليا في واشنطن العاصمة.
أنشأ مجلس إدارة جائزة «بوليتزر» جائزة سنوية للتحقيقات الاستقصائية عام 1964. وبسطت الشبكات التلفزيونية الثلاث في تلك الحقبة نشراتها المسائية من 15 إلى 30 دقيقة بدءا من عام 1963 وبدأت في إذاعة الأفلام الوثائقية الاستقصائية في فترة الذروة. وجعل قرار المحكمة العليا الذي أصدرته عام 1964 لصالح «نيويورك تايمز» ضد «سوليفان» من الصعوبة بمكان على الموظفين العموميين الذين يتعرضون لانتقادات مقاضاة الصحف بسبب التشهير، وساعد قانون حرية المعلومات، الذي أقره الكونغرس في عام 1966، الصحافيين على الوصول بسهولة إلى المعلومات الضرورية.
وعلى مدى عدة أشهر من حادثة السطو التي تعرض لها «ووترغيت» عام 1972، كان وودوورد وبرينستين وزملاؤهما من العاملين في الصحافة المحلية في «واشنطن بوست» الوحيدين الذين تعرضوا لهذه القضية. وقد تعرضنا للتجاهل والتشكيك من قبل وسائل الإعلام الإخبارية الأخرى وغالبية الشعب الأميركي، وتعرضنا لانتقادات كبيرة من إدارة نيكسون ومؤيديها. كانت تلك فترة من التوتر بالنسبة لنا نحن العاملين مع بوب وكارل، بشأن مصداقيتنا وكان مستقبل الصحف على المحك.. كنا قلقين بشأن كل كلمة ننشرها في الصحف.
في النهاية، بدأت صحيفتا «لوس أنجليس تايمز» و«نيويورك تايمز»، وقناة «سي بي إس نيوز»، قبل نهاية العام، الدخول في منافسة كانت موضع ترحيب، فقبل أحد عشر يوما من قرار الرئيس ريتشارد نيكسون في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1972، خصص والتر كرونكيت 15 دقيقة من برنامجه «سي بي إس إيفنينغ نيوز»، في واقعة غير مسبوقة، للحديث عن «ووترغيت»، عارضا فيها ما نشرته صحيفة «بوست». ووصف قضية «ووترغيت»، بأنها حملة تخريب وتجسس سياسي رفيع المستوى غير مسبوقة في التاريخ الأميركي.
ومع استقالة نيكسون عام 1974، لعب قاض فيدرالي ومحققون فيدراليون وممثلو الادعاء العام والكونغرس أدوارا مهمة في مثوله وإدارته في البيت الأبيض للمحاسبة على جرائم «ووترغيت». لكن، حتى بعد عقود من انتقادات الآخرين للتفاصيل والألغاز ومعاني «ووترغيت»، لا يزال دور وودوورد وبرينستين جوهريا في القضية.
وقد كان لما نشروه من قصص «ووترغيت» و«كل رجال الرئيس» (الكتاب والفيلم) تأثير دائم، في مجال الصحافة. ودخلت أجيال من شباب الصحافيين، مستلهمين «ووترغيت»، المهنة طمعا في أن يدخلوا مجال الصحافة الاستقصائية. وشكلت الصحف والشبكات والقنوات التلفزيونية فرقا استقصائية وعرضت عملها. ونشرت المجلات الوطنية تحقيقات استقصائية طويلة. وعرضت البرامج الإخبارية التلفزيونية يقودها في ذلك برنامج «60 دقيقة» تحقيقاتها الاستقصائية التي شاركت فيها على مدى سنوات.
وبالعودة إلى نمط الفضائح الأصلي، توسع الصحافيون، بمن في ذلك وودوورد، في الكتابة وانتقلوا إلى إصدار كتب استقصائية لقضايا؛ تنوعت من الأخطار البيئية، إلى مخالفات «وول ستريت»، وحروب الولايات المتحدة؛ من فيتنام إلى العراق.
وفي فترة لاحقة انضم المواطنون الصحافيون إلى المجال عبر شبكة الإنترنت والشبكات الاجتماعية الأخرى مثل المدونات وإسهامات الجماهير والتغريدات التي تصبح في بعض الأوقات الطرف الرائد في القصة الاستقصائية التالية.
وقد شملت الصحافة الاستقصائية كل جوانب المجتمع الأميركي؛ بدءا من السياسات الحكومية، إلى التجارة، والتمويل، إلى التعليم، والرفاهية الاجتماعية، والثقافة والرياضات.. وحصلت على نصيب الأسد من الجوائز الصحافية كل عام. وبغض النظر عن مدى عدم الشعبية التي يمكن أن تحظى بها وسائل الإعلام في بعض الأوقات، كانت هناك توقعات، منذ فضيحة «ووترغيت»، بأن الصحافة ستخضع لمحاسبة الأفراد ذوي النفوذ والتأثير. وكما كتب جون مارشال العام الماضي في «إرث ووترغيت والصحافة»، فإن «(ووترغيت) شكلت الطريقة التي يمكن من خلالها فهم الصحافة الاستقصائية وكيفية ممارستها وكيفية رد المسؤولين السياسيين والعامين على الصحافيين».
لم تكن الوسائل التي انتهجها وودوورد وبرينستين مبتكرة، لكن نشر كتاب «كل رجال الرئيس» جعلهما شخصيتين محوريتين في الصحافة الاستقصائية، وتحولا إلى خبيرين في هذا المجال، فكانا يقومان بزيارات للحديث إلى المصادر بشكل شخصي، وحماية سرية المصادر عند الضرورة، وعدم الاعتماد على المصادر الأحادية، ومحاولة الحصول على الوثائق ومتابعة المال وترتيب المعلومات التي تم الحصول عليها بشق الأنفس بعضها مع بعض حتى تكتمل أركان القضية. وقبل عدة سنوات، استخدمت دانا بريست من صحيفة «واشنطن بوست» طرقا مماثلة للكشف عن سجون وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السرية في الخارج والتي يتم فيها استجواب المشتبه فيهم بالتورط في أعمال إرهابية وعنف.
لقد أحدثت «ووترغيت» تحولا لدى بعض الصحافيين الاستقصائيين وعلى رأسهم وودوورد، وجعلت منهم أسماء لامعة، حيث ظهروا على شاشات التلفاز وفازوا بعقود كتب ومجلات مربحة وبدأوا يحصلون على المال مقابل خطاباتهم. وأخذ كثيرون يندفعون لفترة من الزمن بحثا عن فضيحة «ووترغيت» أخرى، وارتكبوا أخطاء واضحة وكانوا يضيفون مقطع «غيت» إلى كل فضيحة جديدة تقريبا مهما بلغت تفاهتها. وكانت الحكومات والمسؤولون في الدولة والمؤسسات والمسؤولون التنفيذيون والمحاكم يردون بحملات علاقات عامة ودعاوى قضائية والقبض على بعض الصحافيين وتسريب تحقيقات مشكوك في مصادرها.
أصبحت التقارير الصحافية الاستقصائية أكثر تطورا بفضل أجهزة الكومبيوتر، والإنترنت والتدريب، ومصادر الصحافيين الاستقصائيين والمحررين الذين ساعدت في العثور عليهم عام 1975. واكتسبت الصحافة عمقا أكبر وباتت تقدم تفسيرات مع ما تقدمه من اكتشافات، وكذا تطرح حلولا تنويرية في بعض الأحيان جنبا إلى جنب ما تكشفه من مشكلات. وساعدت التقارير الصحافية الاستقصائية على صفحات «واشنطن بوست» في الحد من حالات إطلاق النيران من قبل الشرطة في واشنطن العاصمة، وإصلاح علاج الموظفين الحكوميين المحتاجين، وتغيير ممارسات «يونايتد واي» و«ناتشر كونسيرفانسي» و«سميثسونيان»، وكشف فساد الكونغرس، وتحسين برامج إعادة التأهيل وظروف معيشة قدامى المحاربين العاجزين في المركز الطبي «والتر ريد آرمي». ربما أكثر ما يدل على بقاء وأهمية إرث التغطية الصحافية لـ«ووترغيت» هو التساؤل عما إذا كان على الصحف أن تكشف بشراسة وسرعة عن أسباب الأزمات القومية المعاصرة أم لا. هل كان من الممكن تمحيص المنطق وراء غزو العراق والخطط العسكرية المتعلقة به بشكل أكبر مما حدث خلال فترة الاستعداد لشن الحرب؟ هل تم القيام بما يكفي لمعرفة مقامرات «وول ستريت» قبل الأزمة المالية عام 2008؟
ما زلنا نواجه أوقاتا خطيرة، مما يجعل الصحافة الاستقصائية عنصرا ضروريا لديمقراطيتنا كما كانت التغطية الإخبارية لفضيحة «ووترغيت». مع ذلك، قوض تأثير الوسائط الرقمية والتحولات الكبيرة في ما يتعلق بالمتلقي وعائدات الإعلانات، النموذج المالي الذي دعم الصحافة الاستقصائية خلال الثلث الأخير من القرن العشرين، الذي كان يعد العصر الذهبي للصحف. ويظل لهذا النوع من الصحافة أولوية في الكثير من الصحف التي تواجه مصاعب مالية، والتي لا تزال تقدم صحافة المساءلة التي يعنيها أمر مجتمعها، لكنها تعاني من نقص في العاملين والموارد. على الجانب الآخر، النصيب الأكبر للصحافة الاستقصائية يوجد في المحطات والشبكات التلفزيونية، التي تحاول جاهدة هي الأخرى الحفاظ على المشاهدين والعائدات، وتركز على قضايا تتعلق بحماية المستهلك والجرائم التي تزيد نسبة المشاهدة.
مع ذلك، هناك مؤسسات صحافية استقصائية محلية وإقليمية وقومية تتبنى نهجا مغايرا، حيث لا تهدف للربح وتعتمد على الإنترنت. وقد بدأ هذا التوجه صحافيون تركوا المحطات الإخبارية التجارية مثل «بروبابليكا» في نيويورك و«تكساس تريبيون» في أوستن و«كاليفورنيا واتش» التي لها مكاتب في أنحاء الولاية و«فويس أوف سان دييغو». وتحصل تلك المنابر على التمويل من المؤسسات الخيرية وفاعلي الخير ومتبرعين آخرين وبعض كليات الصحافة بالجامعات.
ولا يعمل في أكثر هذه المنابر سوى عدد محدود من الصحافيين، وميزانيتها محدودة، لكن حماسهم في أداء رسالتهم يذكرني بصحافيي ومحرري «واشنطن بوست» الذين لاحقوا قضية «ووترغيت» منذ أربعين عاما. لبعض هذه المنابر الصحافية تأثير كبير على المستوى المحلي والقومي. ورغم عدم تصفحها من قبل كثيرين، فإنها تمكنت من الوصول إلى عدد كبير من المشاهدين من خلال نشر موضوعاتها وتحقيقاتها في العديد من الصحف والمحطات التلفزيونية والإذاعية وكذلك عبر مواقعهم الإلكترونية. وبدأت المؤسسات الصحافية الاستقصائية التي لا تهدف للربح منذ فترة، لكن الكثير من المواقع الناشئة تصارع من أجل البقاء. ونادرا ما تهتم المؤسسات التي تقدم التمويل بمساعدة تلك المشروعات على الاستمرار.
هناك عوامل أخرى لازمة إلى جانب جمع التبرعات ورسوم العضوية. ومُنيت بعض المشروعات الناشئة في هذا المجال بالفشل، في حين اضطرت منابر أخرى إلى خفض نفقاتها وعدد العاملين بها من أجل البقاء.
ومن المؤكد أن ذكرى فضيحة «ووترغيت» سوف تكون مناسبة لنشر موضوعات عن أبطال الفضيحة، وتذكرنا بمن لا يزال بيننا حتى اليوم، والنظر مرة أخرى في ما حدث وأسبابه بعد مرور أربعين عاما. أكثر ما سيفيد الصحافة والشعب الأميركي هو أن تكون تلك الذكرى مناسبة للاعتراف بأهمية صحافة المساءلة في بلدنا الديمقراطي وضرورة ضمان بقائها وازدهارها في ظل ضجيج العصر الرقمي.
* ليونارد دوني أستاذ الصحافة بكلية الصحافة والإعلام «والتر كورنكايت» بجامعة أريزونا ونائب رئيس تحرير صحيفة «واشنطن بوست» الذي بدأ العمل بها منذ 44 عاما وشغل منصب مدير التحرير التنفيذي من عام 1991 إلى 2008
* تحدث بوب وودوورد وكارل برينستين مع شخصيات رئيسية أخرى في فضيحة «ووترغيت» بمنتدى «واشنطن بوست لايف» مساء الاثنين
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»

شاهد العيان.. بين المصداقية والإثارة .. أصبح أهم وسائل القنوات الفضائية لتغطية الأحداث

متابعات إعلامية / القاهرة / مي إبراهيم


مع اندلاع الثورات في العالم العربي وجدت القنوات التلفزيونية الفضائية صعوبة في الحصول على المعلومات في ظل التعتيم على بعض الأحداث من قبل المسؤولين، أو منعهم من العمل أصلا، مثلما هو الأمر في الحالة السورية في الوقت الراهن.. ولهذا توسعت الكثير من القنوات في الاستعانة بـ«شاهد العيان» كوسيلة للتعرف على الحقائق ونقل الأحداث إلى المشاهدين.
والاعتماد على روايات شهود العيان فقط من دون إمكانية للتحقق تترك التقارير التلفزيونية الإخبارية عرضة للتشكيك فيها، أو على أقل تقدير الافتقار للدقة والموضوعية، إلا أن الخبراء والمتخصصين في المجال الإعلامي يرون مع ذلك أهمية «شاهد العيان» لوسائل الإعلام.
الدكتورة ليلى عبد المجيد، عميد كليه الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، ترى أن شاهد العيان معترف به كمصدر في وسائل الإعلام، فأحيانا يصل الصحافي أو المراسل متأخرا عن وقوع الحدث، ويعتمد على شاهد العيان لمعرفة التفاصيل، ولكن يجب ألا يعتمد على شاهد واحد أو أن يأخذ كلامه على أنه الحقيقة الكاملة، فكثيرا ما يروي الشخص الحادث من وجهة نظره الخاصة التي قد تفتقر إلى بعض الدقة. وتضيف أن الصحافي أو المراسل لا بد أن يسمع من أكثر من شاهد لتأكيد رواية معينة في مقابل رواية أخرى وهذا أحد أهم شروط المهنية.
وتزيد الدكتورة عبد المجيد قائلة: إنه ليس أي شخص يقول رواية يعتبرها الصحافي حقيقة ويتعامل على أساسها، في حين أنها يمكن أن تضلل الرأي العام وتؤدي إلى حدوث مشكلات كبرى. وتشير الدكتورة ليلى عبد المجيد إلى نقطة أخرى لا تقل أهمية، وهي الاستعانة بتسجيلات الفيديو أو الصور التي يرفعها بعض المواطنين على الإنترنت لتصبح مصادر للأخبار تعتمد عليها القنوات الفضائية.
وتقول الدكتورة عبد المجيد: إن «شهود العيان الآن لم يعودوا مقتصرين على المقابلة الشخصية في مكان الحدث أو الاتصال التليفوني في القنوات الفضائية، وإنما ظهر ذلك بصورة أخرى، وهي الاعتماد على ما يرفعه البعض على الإنترنت من صور وفيديوهات لبعض الأحداث على أنها حقائق تتداولها وسائل الإعلام والقنوات الفضائية على أنها مصادر موثوقة دون التأكد من دقتها».
وتزيد قائلة: إن هذا السلوك الإعلامي في الاعتماد على فيديو الإنترنت «ظهر بشدة في الفترة الماضية، فالاعتماد مثلا على صور قد تكون مفبركة أو قديمة أو ليس لها علاقة بالحدث قد يثير بلبلة بين الناس».
وتشير عبد المجيد إلى أن كل هذه الوسائل لا بد أن يتعامل معها الإعلام والمدونات والشبكات الاجتماعية، وهي تشكل جزءا كبيرا من حياتنا الآن، ولكن لا بد من التعامل بحذر فيأخذ منها الإعلامي خيوطا لبناء قصة إخبارية، فهناك فارق كبير بين المواطن الصحافي وبين الصحافي الذي يعمل بشكل مهني ويدقق المعلومات التي تبنى عليها في النهاية الآراء والاتجاهات.
ومن جانبه يرى الإعلامي ياسر عبد العزيز أن شاهد العيان والاستعانة به في تقديم التقييمات والآراء والمعلومات المتعلقة بالأحداث الجارية بات أزمة كبيرة في التغطية الإخبارية سواء في العالم العربي أو في باقي المناطق التي تشهد ثورات أو كوارث وأعمال عنف.
ويزيد عبد العزيز قائلا: إن شاهد العيان على ما يبدو أصبح «شرا لا بد منه» لأن بعض مناطق الصراع والحشد والأحداث الملحة العاجلة تكون بمنأى عن الصحافي المحترف. ويضيف أن التغطيات يجب أن تكون فورية ومستوفاة، وفي هذه الأحوال يمكن اللجوء إلى شاهد العيان حينما يكون الصحافي المحترف، أو المصدر معلوم الهوية، غير متاح. ولكن الإشكال الكبير يتعلق بالإدارة السيئة أو الاستخدام المسيء لإفادة شاهد العيان، فبعض الزملاء الإعلاميين يختارون الشهود الخطأ ويركزون على جانب واحد من القصة ويوجهون الأسئلة الخطأ، إضافة إلى ترك شاهد العيان على الهواء لوقت أطول من اللازم فيتصور الجمهور أن ما يقال هو الحقيقة أو الإفادة المتوازنة عن القصة، خاصة مع عدم وجود حرص على توضيح الأمر للجمهور، ووضع الرواية في سياقها الطبيعي.
ويتابع عبد العزيز قائلا: لكن بشكل عام، ومع تلاحق الأحداث، وعدم القدرة على الوصول إليها في الوقت المناسب، ستظل القنوات الفضائية في مواقف معينة بحاجة إلى شهود العيان، إلا أنه يجب اختيار الشاهد المناسب وعرض شهادته في الوقت المناسب وإعطاؤها المساحة العادلة وموازنتها بإفادة أخرى إن وجدت باعتبار أنه أحيانا يضيف الشاهد بعض الأشياء للرواية ليحقق بعض الإثارة وليتكلم فترة أطول على الهواء، وأحيانا ما يخلط الرأي بالخبر، وفي كل الأحوال علينا أن نذكر الجمهور أن ما يقرأه أو يسمعه هي رؤية أحد الأطراف وأنه لا يوجد ما يمكن أن يثبتها.
بينما يرى الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، أنه فيما يتعلق بالرؤية المهنية للوسائل الإعلامية يبرز دور شهود العيان كمصادر أساسية يمكن الاعتماد عليها في التعامل مع الأحداث التي يرغب المسؤولون في التعتيم عليها أو التي لا يوجد بها معلومات كافية مثل الأحداث المفاجئة، فيمكن أن تستقى المعلومات الأولية من شهود العيان.
ورغم أن شهود العيان يعدون مصادر أساسية للتغطية الخبرية – كما يقول خليل - فإن الكثير من المهنيين يظهرون قدرا من التحفظ، خاصة أنهم يقدمون روايات متضاربة ومعلومات متناقضة، خاصة في الحوادث الكبرى التي تعتمد على نزاع بين أطراف، فهو لا يستطيع التحديد هل الضحية فارق الحياة أم مصاب إصابة شديدة.
ويضيف الدكتور خليل أنه خلال الفترة الأخيرة، أي مع اندلاع الثورات العربية، حاول الحكام المستبدون وأجهزة الإعلام التعتيم، ووجدنا كثيرا من النوافذ الإعلامية تقدم معلومات شهود العيان للإجابة عن أسئلة المتلقي خلال الأيام الأولى للثورة، بينما كان هناك اختفاء للمسؤولين، وبالتالي لم يوجد بديل للاعتماد على المتواجدين في قلب الحدث للحصول على المعلومة وحدث هذا في كل الدول العربية التي اندلعت بها ثورات.
ويشير الدكتور خليل إلى أن هناك نقطة هامة وهي أنه، مثلا، أثناء تغطية التلفزيون المصري لأحداث ماسبيرو، وجدناه ليس فقط يستعين بشهود العيان لتوضيح معلومات عن الحدث الذي كان يكتنفه الغموض في البداية، ولكنه كان يفتح الخط للمشاهدين لتقديم وجهة نظرهم في الحدث، و«هذا ليس بالصواب على الإطلاق، فشاهد العيان لا بد أن يكون متواجدا وحاضرا في قلب الحدث وبالتالي ينقل أبعاد الموقف للمشاهدين».
ويقول الدكتور محمود خليل: إنه الاستعانة بالمشاهدين من خارج الحدث للتهييج ولإدانة طرف دون آخر «فهذا لا يعد عملا مهنيا على الإطلاق، ولا يفرق بين وجهة النظر والنقل الأمين للأحداث، ولا يفصل بين المعلومة والرأي، وفي المرحلة الأولى لأي حدث يكون المتلقي بحاجة إلى المعلومات أكثر من وجهات النظر ليستطيع أن يكون رأيه ووجهة نظرة».
الشرق الاوسط

محمد الأصفر: ليبيا تنتقل من «الكبت الإعلامي» إلى «الانفجار الإعلامي»

متابعات إعلامية / طرابلس / الحسن الادريسي

قال الإعلامي الليبي محمد علي الأصفر، رئيس قسم الإعلام في جامعة الزيتونة (ناصر سابقا) في ليبيا، إن جميع الصحف التي كانت تصدر في عهد العقيد معمر القذافي قد اندثرت.
وأضاف الأصفر في حواره مع «الشرق الأوسط» من الرباط على هامش مشاركته في ندوة نظمتها إيسيسكو حول الإعلام «إن صحف العهد البائد، كانت عبارة عن منشورات وقصاصات تطبل للعقيد القذافي وتمجده، بل كانت تسبح بحمده، ومن ثم انتهت مباشرة بنهاية نظامه، وجميع الإذاعات والفضائيات اختفت باختفاء مقولاته وصور القذافي من شوارع المدن الليبية».
وقال إن الليبيين اعتمدوا خلال الثورة على «كتابة الجدران» بسبب الظروف الخانقة والانعدام الكلي لحرية التعبير في البلاد. فإلى نص الحوار  :

*ما وضع الصحافة والإعلام في ليبيا خلال فترة ما بعد العقيد معمر القذافي؟
- مر الإعلام الليبي بمراحل تاريخية متعددة أثرت بشكل كبير على وسائله وسياساته وتشريعاته وهياكله التنظيمية، وكان لكل مرحلة خصائص وظروف سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية أسهمت في رسم الخريطة الإعلامية، بدءا من المرحلة العثمانية ثم الفترة الاستعمارية الإيطالية. ودراسة هذا التاريخ الطويل بسلبياته وإيجابياته ستفيد في بناء إعلام جديد له أهداف وآليات تلبي طموحات الإعلاميين وتراعي مصلحة المجتمع الليبي في وجود إعلام. لم يترك النظام الليبي السابق إعلاما ولا صحافة حقيقية. صحف العهد البائد، كانت عبارة عن منشورات وقصاصات تطبل للعقيد القذافي وتمجده، بل كانت تسبح بحمده، ومن ثم انتهت مباشرة بنهاية نظامه، فاختفت باختفاء مقولاته وصوره من شوارع المدن الليبية.
وتشريعيا، لم يترك شيئا يذكر على الإطلاق، ولا أدل على ذلك من قانون المطبوعات الوحيد، وهو صادر عام 1972، وقانون الملكية الفكرية وحق المؤلف الصادر في 1968، وهذه التواريخ تبين أن هذه القوانين كلها انتهت صلاحيتها، وهي غير فعالة ولا تتماشى مع عصر الإعلام الرقمي.
عندما أطل الربيع العربي ونجح في تونس ومصر، كان الليبيون يبحثون عن وسائل وطرق للتعبير عن الواقع الليبي، ولم يتمكنوا من ذلك لسيطرة الدولة على الإعلام، ولا تسمح بإصدار صحف خاصة على الرغم من تطبيقها قانون المطبوعات الصادر عام 1972 الذي يجيز ذلك في مادته الرابعة، وأيضا لا تسمح التشريعات الإعلامية والاتصالية والمعلوماتية وغيرها للمواطن بامتلاك القنوات الإذاعية الأرضية أو الفضائية، فقانون الاتصال السلكي واللاسلكي الذي صدر عام 1990 لا يجيز استعمال أو صناعة أو صيانة أجهزة منظومات الإرسال والاستقبال اللاسلكي دون ترخيص وأوكل المهمة للهيئة العامة للإذاعة، ومنذ ذلك التاريخ وقبله لم يسمح لأي شخص أو جهة عامة بإنشاء قنوات إذاعية حتى عام 2008 عندما سمحت اللجنة الشعبية العامة للثقافة (وزارة الثقافة) لشركة «الغد» بإنشاء قناتين مسموعتين وهما «الليبية» و«الإيمان»، وأيضا قناة «الليبية الفضائية»، وقد شكلت صورة جديدة لنمط جديد من الإعلام لم يكن معروفا من قبل، وعلى الرغم من موالاتها للنظام وكونها إحدى مؤسسات أسرة القذافي، حيث كان يترأس شركة «الغد» ومؤسساتها سيف الإسلام القذافي، فإنها لم تسلم هي الأخرى من الإقصاء عندما زارها القذافي نفسه فجأة في الثانية فجرا في أبريل (نيسان) عام 2009 وأمر بإغلاقها وضمها لباقي القنوات التابعة للدولة.
ودعم نظام القذافي وبكل قوة إصدار وثيقة ضوابط القنوات الفضائية في العالم العربي التي تبناها عن وزراء الإعلام العرب عام 2008 لتضيق مساحة حرية الإعلام المتاحة وتقليص دور بعض الفضائيات والحد من إشعاع بعض القنوات الدينية، وكانت ليبيا تركز على عدم المساس بالرموز الوطنية وتقصد العقيد القذافي شخصيا، لأنه خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه أو الحديث عنه. وبشأن إذاعات القذافي المرئية والمسموعة، التي كانت ذات اتجاه واحد وخطاب واحد، اختفت جميعها فجأة باختفائه، ووكالة الأنباء (جانا) تلاشت هي الأخرى مع سقوط النظام.
وأصبحت الصحف والمجلات في ليبيا الآن في كل شارع، وهي تعد بالمئات، والإذاعات الأرضية والفضائية بالعشرات والمواقع الإلكترونية والمدونات الشخصية مفتوحة للجميع دون رقيب ولا حسيب. المؤكد أن الصحافة الإلكترونية في الخارج والمواقع والإذاعات الفضائية والشبكات الاجتماعية أسهمت في إنجاح ثورة الليبيين، وفي الداخل كانت الكتابة على الجدران والمنشورات السرية، هي البديل لأن الاتصالات الدولية وشبكة الإنترنت أغلقت في وجه الليبيين من قبل نظام القذافي. إن حالة الكبت والحرمان وفقدان الحرية التي عاشتها ليبيا خلال أربعة عقود أسهمت في «الانفجار الإعلامي»، فانتشرت الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية وأظهرت أن ليبيا حبلى بالطاقات البشرية وظهر خبراء ومتخصصون في كل مكان ومجال.

* ألا يطرح هذا التغيير المفاجئ في تدفق المعلومات وحرية الآراء بعض الإشكالات على مستوى التنظيم؟
- ليبيا لم تكن تملك سوى 4 صحف يومية حكومية هي «الزحف الأخضر» و«الجماهيرية» و«الفجر الجديد»، و«الشمس» وبعض القنوات الإذاعية المسموعة والمرئية ذات التوجه والرأي والخطاب والأسلوب الواحد ولا تخرج عما تبثه وتصوغه لها وكالة موجهة واحدة هي وكالة «الجماهيرية للأنباء» أصبحت تعج بمئات الصحف والمجلات وعشرات القنوات المعة والمرئية الأرضية والفضائية ومئات الصحف والمواقع الإلكترونية العامة والخاصة، وهو ما يؤكد رغبة الليبيين في حرية التعبير التي حرموا منها سنوات طويلة، والتشجيع الذي تضمنته المادة 14 من الإعلان الدستوري لثورة «17 فبراير» التي تقول «تضمن الدولة حرية الرأي وحرية التعبير الفردي والجماعي وحرية البحث العلمي وحرية الاتصال وحرية الصحافة ووسائل الإعلام والطباعة والنشر وحرية التنقل وحرية التجمع والتظاهر والاعتصام السلمي بما لا يتعارض مع القانون»، وخوفا من عودة الرقابة وسيطرتها على وسائل الإعلام لا توجد وزارة للإعلام في الحكومة الليبية. وعلى الرغم من إيجابيات هذا الانفتاح والتعدد في الآراء والأصوات وحفاظا على استمرارية هذا الزخم ودعمه، فإنه في حاجة إلى التنظيم والتنسيق من خلال ميثاق شرف إعلامي وتشريع ينظم العمل الإعلامي، وهو ما يشهده الحراك الإعلامي والثقافي في ليبيا من خلال الندوات والمؤتمرات واللقاءات الخاصة بالإعلاميين من كتاب وصحافيين وأكاديميين وعاملين في القطاع. على سبيل المثال، تم عقد منتدى الحوار في بنغازي، وتم تنظيم ملتقيات الإعلاميين والفنانين في مارس (آذار) وأبريل الماضيين في طرابلس وأجمعت تلك اللقاءات على تأكيد دور الإعلاميين في بناء دولة المؤسسات والقانون. كما تم التنصيص على وضع الضوابط والمعايير لإنشاء نقابات إعلامية حسب المواثيق الدولية. إلى جانب رفع كفاءات الصحافيين ومطالبة الحكومة بتشجيع ودعم الصحف والبرامج الإعلامية.
وفي بداية مايو (أيار) الماضي عقد ملتقى الصحافيين والإعلاميين ببنغازي لاعتماد ميثاق الشرف الإعلامي وتضمن 28 بندا من 3 محاور رئيسية هي: الحريات الأساسية، والمسؤولية والمبادئ، والأخلاقيات المهنية. وفي محاولة من المجلس الوطني الانتقالي لتنظيم القطاع الإعلامي في هذه المرحلة أصدر مجموعة من القرارات، تمثلت في إنشاء مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، وإنشاء المؤسسة الوطنية للصحافة، وإنشاء المجلس الأعلى للإعلام، وهو هيئة عليا ذات شخصية اعتبارية مستقلة ويتمتع بالأهلية الكاملة ويتبع المجلس الانتقالي مباشرة وأهم اختصاصاته، إبداء الرأي في المواضيع الإعلامية ووضع السياسة العامة للنهوض بالإعلام. ووضع اللوائح ومشاريع القوانين الإعلامية وإصدار ميثاق الشرف الإعلامي. ومنح التراخيص ذات العلاقة واتخاذ القرارات لتسيير المرافق الإعلامية.، وإعداد البحوث والدراسات وتوفير الخبرات الفنية ورفع كفاءتها 

*ما مصير الوجوه الإعلامية خاصة في التلفزيون تلك التي ظلت تمجد النظام السابق؟
- عندما خرج الليبيون تأييدا لثورة «17 فبراير» كان هدفهم المساواة والعدالة والحرية. ولهذا فهم مصرون على تطبيق القانون في حق أي شخص ارتكب جريمة في حق الليبيين أو أسهم في تشويه الرأي العام أو في تحريض الناس على الفتنة أو القتل أو حرض على تمزيق الوحدة الوطنية أو بث الإشاعات، فهو مطلوب للامتثال أمام العدالة.
وهنا لا فرق بين العسكري الذي أطلق النار على الليبيين وقتل الناس، وبين الإعلامي الذي قاتل الليبيين بسلاح آخر من خلال التزوير والتلفيق والتزييف للحقائق وقلب المعطيات وخلق الفتنة وحرض بعمله على القتل أو أسهم في ذاك. والقانون سيقول كلمته في هذه الجرائم، لكن الشعب الليبي شعب متسامح، لا يهدف إلى متابعة المنافقين أو الذين لم تكن أعمالهم ترقى إلى جرائم. وكثيرون من كانوا يعملون في المؤسسات الإعلامية والصحافية والإذاعية عادوا إلى أعمالهم، ومنهم من انضم إلى الثورة، وبخصوص تمجيد القذافي، فالأمر يتعلق بمسألة شخصية تتوقف على حد إدراك الشخص لمن هو القذافي وما هو تاريخه وماذا فعل، وما الجرائم التي اقترفها.

* ما واقع الإعلام الإلكتروني في خضم هذه الديناميكية؟
- الإعلام الإلكتروني قفز قفزة كبرى من خلال إقبال الليبيين على شبكات المعلومات الدولية (الإنترنت) وأسهمت المواقع الإلكترونية في إطلاع العالم عل القضية الليبية، وأصبح دور الإعلام الإلكتروني يضاهي دور القنوات الفضائية والإذاعات وينافس الإعلام التقليدي المكتوب.

* ماذا يمكن أن تقول عن وضع ليبيا في سلم حرية التعبير عالميا؟
- كانت ليبيا تحتل مراتب غير مشرفة على مستوى هامش حرية التعبير. إذ احتلت في عام 2010 المرتبة 146 دوليا و16 عربيا في تقرير منظمة الشفافية الدولية (ترانسبرانسي)، وترتيبها كان أيضا 156 من أصل 175 على صعيد ترتيب حرية الصحافة والتعبير في العالم حسب منظمة «مراسلون بلا حدود». لكن المشهد تغير تماما، حيث توقفت الرقابة على الصحف، وتحولت هيئة الصحافة إلى تقديم الدعم للصحف والصحافيين، ولم يعد اليوم أمام الصحافيين والكتاب وحملة الأقلام، إلا ضمائرهم ومراعاة مصلحة الوطن لا غير. ولا بد أن أشير إلى أن المادة 14 من الإعلان الدستوري لثورة «17 فبراير» تضمن حرية التعبير الفردي والجماعي وحرية الطباعة والنشر وحرية التظاهر والتجمع والتظاهر والاعتصام وتكوين الأحزاب السياسية.

*ما الجديد في مجال التعددية السياسية؟
- لقد دبت الحياة في النشاط السياسي، ولا شك أن من نتائج الثورة أن الليبيين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع، للمرة الأولى منذ عقود، بعد نجاح عملية تسجيل الناخبين، إذ وصل عددهم نحو مليونين و775 ألف مواطن مسجل في القوائم الانتخابية، سينتخب هؤلاء المؤتمر الوطني (بمثابة برلمان)، وستنبثق عن المجلس الوطني المنتخب لجنة خاصة بوضع دستور للبلاد، الشيء الذي سيمكن من إصدار تشريعات للصحافة والمطبوعات تتماشى مع عصر الانفتاح، والتعددية واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والرأي. وبعد نجاح المرحلة الأولى من عملية تسجيل الناخبين، وهذا الواقع الجديد سيفرز كما أشرت انتخاب أعضاء المجلس الوطني الذي يضم 200 عضو منتخب يمثلون جميع مناطق ليبيا حسب التعداد السكاني. وستسهم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية ووسائل الإعلام المحلية والدولية في مراقبة تلك الانتخابات 
الشرق الاوسط.