متابعات اعلامية/ كتب: أ. د. سامي عبدالعزيز
أثار الخبر الذي نشرته الصحف، منذ عدة أيام، عن التقرير الذي أعده الجهاز المركزي للمحاسبات، والذي يشير إلي أنه لم يتم اختيار أي بحث علمي مصري ضمن أفضل 60 بحثاً في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، في الوقت الذي تم اختيار 47 بحثاً من إسرائيل وحدها،وسبعة بحوث من جنوب إفريقيا، وأربعة بحوث من السعودية .. أثار هذا الخبر كثيراً من مشاعر الأسي والحزن لدي عدد كبير من الجماهير،كما أظهرته تعليقاتهم علي الخبر في مواقع الصحف علي شبكة الإنترنت، وإن لم يمثل معلومة جديدة لدي المهتمين والمتابعين . وفي هذا الخصوص لي بعض الملاحظات .
أولاً : إن صناعة البحث العلمي هي صناعة ثقيلة تحتاج إلي رءوس أموال ضخمة، ولنا أن نتصور أن جامعة مثل هارفارد في الولايات المتحدة تقدر قيمة ودائعها البنكية وحدها، دون أصولها الثابتة، بحوالي خمسين مليار دولار أمريكي، يتم إنفاقها علي الدراسات والبحوث، وهو ما يعادل تقريباً ميزانية مصر، ويفوق ميزانيات كثيراً من الدول ... وفي مصر، حيث الموارد المحدودة، تبدو الإشكالية الكبري لدي صانع السياسات التعليمية أو متخذي القرار بها : هل يتم تمويل عدد محدود من المشروعات، أو يتم توزيع هذه الموارد المحدودة علي أكبر عدد منها، وفي الحالتين تفشل الجهود، أو تعجز عن توفير المناخ اللازم لإنتاج البحث الجيد والمميز ..
ثانياً : إن مسئولية ضعف المستوي العلمي ومحدودية مواردها ليست مشكلة حكومية، بل هي في الأساس مشكلة مجتمعية وللجمهور نصيب فيها .. ففي الوقت الذي تنفق فيه معظم الأسر المصرية نفقات باهظة علي الاتصالات والجوانب الترفيهية، ويحمل كل طالب محمولاً، تقوم قيامة الأسر المصرية لو تم فرض أي زيادة في الرسوم أو المصروفات .. والغريب أنه في الوقت التي تحرص نسبة غير صغيرة من الأسر المصرية علي الحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة لفترة تقترب من اثنتي عشرة عاماً، ترفض هذه الأسر أن تدفع، ولو رسوم سنة واحدة في التعليم الجامعي!! ثالثاً : علي الرغم من اعتماد الحكومة لخطة طموحة في البعثات والمهمات العلمية فإن المحصلة منها حتي الآن ليست جيدة، وقد يكون لتسرب كثير من أفراد المهمات العلمية والبعثات، ورفضهم العودة مرة أخري دور في ذلك، وقد يكون، وذلك هو الأهم، عدم وجود الإمكانيات التي تسمح بتطبيق ما تم تعلمه في الخارج دوراً في عدم الاستفادة من هذا البرنامج .. رابعاً: علي الرغم من اقرار الحكومة وتمسكها بمجانية التعليم الجامعي، فإن هناك ضرورة لمراجعة القواعد الخاصة بها، ويجب أن تذهب المجانية لمستحقيها علمياً واقتصادياً .. وأن توظف هذه المبالغ في دعم المشروعات العلمية الجادة ..
أيها السادة، لم تعد قضية البحث العلمي مسألة اختيار أو من قبيل الكماليات، بل هي رأسمالنا الحقيقي . ولننظر الي تجربة جامعة القاهرة والتي زادت فيها ميزانية البحث العلمي وتشجيعه وكذلك اصدار أول مجلة في الشرق الاوسط للبحوث المتقدمة شارك فيها محكمون عالميون الي جانب عدد المحكمين المصريين، فقد قفزت اعداد البحوث العلمية قفزة هائلة واشتعلت حدة المنافسة العلمية الشريفة بين الباحثين المصريين وخاصة العلماء الشبان الأمر الذي يؤكد أن الايمان بالبحث العلمي لا يكفي وإنما تدبير الموارد اللازمة هي حجر الزاوية .. دعونا ندرس تجربة جامعة القاهرة كنموذج يحتذي به.
أولاً : إن صناعة البحث العلمي هي صناعة ثقيلة تحتاج إلي رءوس أموال ضخمة، ولنا أن نتصور أن جامعة مثل هارفارد في الولايات المتحدة تقدر قيمة ودائعها البنكية وحدها، دون أصولها الثابتة، بحوالي خمسين مليار دولار أمريكي، يتم إنفاقها علي الدراسات والبحوث، وهو ما يعادل تقريباً ميزانية مصر، ويفوق ميزانيات كثيراً من الدول ... وفي مصر، حيث الموارد المحدودة، تبدو الإشكالية الكبري لدي صانع السياسات التعليمية أو متخذي القرار بها : هل يتم تمويل عدد محدود من المشروعات، أو يتم توزيع هذه الموارد المحدودة علي أكبر عدد منها، وفي الحالتين تفشل الجهود، أو تعجز عن توفير المناخ اللازم لإنتاج البحث الجيد والمميز ..
ثانياً : إن مسئولية ضعف المستوي العلمي ومحدودية مواردها ليست مشكلة حكومية، بل هي في الأساس مشكلة مجتمعية وللجمهور نصيب فيها .. ففي الوقت الذي تنفق فيه معظم الأسر المصرية نفقات باهظة علي الاتصالات والجوانب الترفيهية، ويحمل كل طالب محمولاً، تقوم قيامة الأسر المصرية لو تم فرض أي زيادة في الرسوم أو المصروفات .. والغريب أنه في الوقت التي تحرص نسبة غير صغيرة من الأسر المصرية علي الحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة لفترة تقترب من اثنتي عشرة عاماً، ترفض هذه الأسر أن تدفع، ولو رسوم سنة واحدة في التعليم الجامعي!! ثالثاً : علي الرغم من اعتماد الحكومة لخطة طموحة في البعثات والمهمات العلمية فإن المحصلة منها حتي الآن ليست جيدة، وقد يكون لتسرب كثير من أفراد المهمات العلمية والبعثات، ورفضهم العودة مرة أخري دور في ذلك، وقد يكون، وذلك هو الأهم، عدم وجود الإمكانيات التي تسمح بتطبيق ما تم تعلمه في الخارج دوراً في عدم الاستفادة من هذا البرنامج .. رابعاً: علي الرغم من اقرار الحكومة وتمسكها بمجانية التعليم الجامعي، فإن هناك ضرورة لمراجعة القواعد الخاصة بها، ويجب أن تذهب المجانية لمستحقيها علمياً واقتصادياً .. وأن توظف هذه المبالغ في دعم المشروعات العلمية الجادة ..
أيها السادة، لم تعد قضية البحث العلمي مسألة اختيار أو من قبيل الكماليات، بل هي رأسمالنا الحقيقي . ولننظر الي تجربة جامعة القاهرة والتي زادت فيها ميزانية البحث العلمي وتشجيعه وكذلك اصدار أول مجلة في الشرق الاوسط للبحوث المتقدمة شارك فيها محكمون عالميون الي جانب عدد المحكمين المصريين، فقد قفزت اعداد البحوث العلمية قفزة هائلة واشتعلت حدة المنافسة العلمية الشريفة بين الباحثين المصريين وخاصة العلماء الشبان الأمر الذي يؤكد أن الايمان بالبحث العلمي لا يكفي وإنما تدبير الموارد اللازمة هي حجر الزاوية .. دعونا ندرس تجربة جامعة القاهرة كنموذج يحتذي به.