متابعات إعلامية / كتبت / إيمان بخوش
حققت ثورة الاتصالات نجاحا لم يسبق له مثيل بفضل التطور التقني المذهل على مختلف الاصعدة والمستويات ، ولعل الشبكة العنكبوتية “الانترنت ” فتحت آفاقا غير محدودة جعلت المستخدمين على اتصال مباشر بالحدث في اي نقطة من العالم، حيث اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات او ما اصبح يعرف “الاعلام الجديد” من اهم الوسائل التي تقدم فرصة معايشة الحدث بشكل مباشر و آني.فهل نجح الاعلام الجديد؟وما هي دلائل نجاحه؟
ان قياس نجاح اي اختراع مرتبط اساسا بالاهداف المرجو تحقيقها من وراء ظهوره، هل نجح في تحقيها ام لا ؟ لذا فلمعرفة مدى نجاح الاعلام الجديد لابد من معرفة اهدافه اولا ، وهل نجح في الوصول اليها كما كان مرجوا.
“اهداف الاعلام الجديد” فكرة واسعة وهلامية قدر الحرية التي يمنحها هذا الاخير ، فهل سنناقش اهداف الاعلام الجديد من وجهة نظر المستخدمين ؟ ام من وجهة نظر المطورين -اي اصحاب المواقع التي تقدم خدمات الاعلام الجديد-؟ او من وجهة نظر الاعلام التقليدي عل اعتبار العلاقة التي تربطه بالاعلام الجديد؟
اولا: من وجهة نظر المستخدمين:
في هذه الحالة يمكن تقسيم المستخدمين الى فئتين ، الاولى هي التي تشترك بشكل فعلي في الشبكات الاجتماعية وتستخدم ادوات الاعلام الجديد اي تشارك في صناعة المحتوى، والفئة الثانية هي التي تستفيد مما ينشر وتستقبل المعلومات التي يتم نشرها من قبل الفئة الاولى.
بالنسبة للفئة الاولى يمكن القول ان الاعلام الجديد قد نجح الى حد كبير في استقطاب المستخدمين، لكونه قدم منابر حرة الى حد ما ، يتحكم من خلالها الافراد انفسهم بانتاج وادارة المحتوى.
بالنسبة للفئة الثانية اي فئة المستقبلين ، لا يمكن الجزم حول مدى ثقة هؤلاء في المحتويات المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لا شك في ان هناك نوع من التعاطف مع المحتويات المنشورة عبر ادوات الاعلام الجديد ، كون المحتوى ينشر من طرف اشخاص عاديين من موقع الحدث دون المرور على حارس بوابة يوجه الخبر ويفصله وفق ايديولوجية معينة . رغم ان هذه النقطة تعتبر ايجابية الا انها في الوقت ذاته تشكل سلبية لان الجميع بامكانه الاضافة والتعديل والنشر مهما كان مستواه ، وهذا الامر يتم عادة الفصل فيه بالرجوع الى مؤشرات معينة(صاحب المدونة -مؤهلاته-اسلوب كتابته) من خلالها يتم التمييز بين الغث والسمين.
ثانيا: من وجهة نظر اصحاب المواقع التي تقدم خدمات الاعلام الجديد:
دون الحاجة لسماع اراء اصحاب الشبكات الاجتماعية ومواقع التدوين ، يمكن الحكم ان هذه الادوات نجحت الى حد كبير في استقطاب ملايين المستخدمين ، ولغة الارقام كفيلة باثبات ذلك.
ثالثا: من وجهة نظر الاعلام التقليدي :
غيرت ادوات الاعلام الجديد سيرورة العملية الاتصالية برمتها ، واوجدت تفاعلا منقطع النظير حتى غدا المرسل مستقبلا ، والعكس صحيح ، هذا التغير الذي اوجده الاعلام الجديد لاقى القبول في بعض الجوانب والرفض في جوانب اخرى ، وكنت قد تحدثت في موضوع سابق عن علاقة الاعلام التقليدي بالاعلام الجديد ، التي ظل الجميع يعتقد انها علاقة منافسة لابد من وجود رابح ومنهزم فيها ، غير ان الحقيقة ان العلاقة بينها اقرب الى التداخل والتكامل ، لكن تلك الفكرة المغلوطة جعلت الاعلام التقليدي يركز على سلبيات الاعلام الجديد متجاهلا الايجابيات ، وكانه عدم اعتراف بهذه الوسائل كاداة اعلامية ، والاعلام الجديد ظل يركز على البدائل التي قدمها والتي لم تكن متاحة في ظل الاعلام التقليدي. لذا يبدو ان الاعلام التقليدي لم يعترف اعترافا صريحا بنجاح الاعلام الجديد ،ولو انه اعترف ضمنيا بذلك بحكم ان بعض ما يتم تداوله على الشبكات الاجتماعية يعتبر كمصدر اخباري ،كما ان وكالة الانباء العالمية رويترز سبق وان اعترفت بالشبكات الاجتماعية كمصدر من مصادر الخبر ،وقدمت توجيهات لصحفييها حول طريقة الاستخدام الامثل للمواد المنشورة كمصدر للخبر.
ختاما يمكن القول ان النظرة الايجابية التي اكتسبها الاعلام الجديد راجعة لكونه بعيد عن سياسات التحرير التقليدية ، وغير خاضع للتوجهات الايديولوجية للمؤسسات الاعلامية ، لكن رغم كل هذه الايجابيات لا يمكن الجزم قطعا بنجاح الاعلام الجديد ، خصوصا في الوطن العربي اذا تعتبر التجربة فتية ، وتطور الاعلام الجديد مازال في مراحله الاولى ، اي لا يمكن الحكم عليه بايجابية مطلقة او سلبية مطلقة لكن رغم ذلك باب نجاحه مفتوح على مصراعيه ان احسن استخدامه بالشكل الذي ينبغي.