السبت، 7 يوليو 2012

"إعلام مصر بين التخبط والدور المسؤول" على هامش مؤتمر الإعلام وبناء الدولة الحديثة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة

متابعات إعلامية / القاهرة / محمد عبدالغفار

ربما لا يختلف أحد تقريبا على أن ارتفاع سقف الحرية في الإعلام المصري قبل ثورة 25 يناير ساهم بدرجة ما في رفع الوعي بقضايا المجتمع خاصة حجم الفساد السياسي والاقتصادي، غير أن هناك شبه إجماع أيضا على تفشي العشوائية والتخبط والأخطاء المهنية الكبيرة بعد الثورة بحسب خبراء ومتابعين.
وبقدر ما أحدثه الإعلام من حالة ارتباك في المجتمع بسبب تعزيز الاستقطاب بين القوى السياسية ونشر الشائعات؛ تزايدت المطالب بضرورة وضع ضوابط مهنية لمنع ذلك، مما دعا كلية الإعلام بجامعة القاهرة لاختيار عنوان "الإعلام وبناء الدولة الحديثة" لمؤتمرها في الأول والثاني من يوليو/تموز.
وأقر عميد كلية الإعلام حسن عماد مكاوي خلال المؤتمر بأن الإعلام المصري بشقيه الرسمي والخاص، مرّ بفترة من التخبط والعشوائية وافتقاد المهنية فضلا عن التحيز المقيت والإثارة الممنهجة، مما انعكس بالسلب على الشارع وما شهده من فوضى وعشوائية وإضرار بالصالح الوطني خلال الشهور الماضية.
ولأن مصر دشنت الجمهورية الثانية بأول رئيس مدني منتخب بعد فترة انتقالية عصيبة، شدد أساتذة الإعلام على أهمية وضع الضوابط المهنية اللازمة لترشيد الإعلام وعلاج علله خلال مرحلة الاستبداد والفترة الانتقالية.

الإيمان بالمسؤولية
من جهته قال وكيل كلية الإعلام محمود علم الدين للجزيرة نت، إن حدود التفاؤل بشأن مستقبل الإعلام مرهونة بمدى إيمان القائمين على وسائل الإعلام وممارسي المهنة بالمسؤولية الاجتماعية لدورهم.
وأبدى تفاؤله بشأن تغير الوضع الحالي لأن تجارب التحول الديمقراطي خلال العقود الثلاثة الماضية تثبت أنه من الصعب -بل من المستحيل- أن يتحول النظام السياسي وبالطبع الإعلامي في فترة قصيرة من الممارسة التسلطية إلى مناخ التعددية.
ودعا علم الدين إلى ضرورة مراجعة الفضاء الإعلامي المصري بكل جوانبه القانونية والاقتصادية والإدارية والبشرية، متمنيا أن تكون البداية "إنشاء هيئة وطنية مستقلة لتنظيم الإعلام وميثاق شرف إعلامي"، ثم مراجعة القوانين المنظمة للإعلام والصحافة والنفاذ للمعلومات لتتناسب مع فضاء إعلامي يتسم بالشفافية والتعددية والمسؤولية والمهنية.
وعن دور مؤتمر "الإعلام وبناء الدولة الحديث" قال علم الدين الذي يتولى أمانة المؤتمر، إن لمؤسسة التعليم دوران: أولهما إعداد الكوادر الإعلامية وتأهيلها، والثاني إنتاج المعرفة العلمية وبذل جهد لنقلها إلى متخذ القرار ومساعدته في تطبيقها وهو ما يقوم به هذا المؤتمر.
وعن مدى ارتباط الحرية بالمسؤولية المطلوبة وربما التسبب في الوقوع بما يطلق عليه الانفلات الحالي، شدد رئيس قسم الصحافة بإعلام القاهرة سليمان صالح على ضرورة أن تعطى الحرية لوسائل الإعلام في مقابل أن تقوم بوظائفها المجتمعية وأهمها الوفاء بحق الجمهور في المعرفة لأن ذلك يساهم في تحقيق التقدم في بناء مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة.
ورفض صالح في حديث للجزيرة نت أية رقابة على الإعلام داعيا إلى التوعية المجتمعية والتربية وتفعيل مواثيق الشرف، مؤكدا أن المسؤولية الاجتماعية هي التي تقوم بعملية الفرز، ويمكن أن يقوم به مجلس وطني للإعلام يوجه الأداء المهني لكل من يخرج عن أخلاقيات الإعلام أو يقوم بتضليل المواطنين.

الإعلام الهادف
وبرأي الأستاذة غير المتفرغة بكلية الإعلام انشراح الشال فإن من الصعب الوصول لإعلام هادف قبل عشر سنوات على الأقل. وأرجعت ذلك -في حديث للجزيرة نت- لضرورة أن يتخرج إعلاميون جدد تربوا في مناخ ديمقراطي كالذي بدأته مصر بعد فترة نظام مستبد.
بدوره رأى الأستاذ بقسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام خالد صلاح الدين أن أبرز المثالب فيما يسمى خطأ برامج "التوك شو" هو الاعتماد على الآراء فقط دون الاعتماد على الحقائق والوثائق، إضافة إلى استخدام لغة التخوين والتشويه المتعمد للشخصيات والهيئات.
وأضاف للجزيرة نت أن ما يسمى برامج "التوك شو" الحالية تمثل إعلام الترفيه والإثارة معا على حساب الإعلام المسؤول والهادف والمتسق مع رسالته. وقال صلاح الدين إن الرسالة الإعلامية للأسف تتأثر بالملكية والتي ترتبط بدورها برسائل أيديولوجية مثل القنوات المملوكة لرجال أعمال مرتبطين بالنظام المنحل.
وما اتفق عليه أساتذة وخبراء الإعلام هو أن الجمهورية الثانية، التي شهدت انتخاب أول رئيس مدني وهو محمد مرسي، يمكن أن تشهد عصرا جديدا لإعلام هادف وراشد إذا ما جرى وضع القواعد والضوابط المتفق عليها مجتمعيا.
الجزيرة نت