متابعات إعلامية / واشنطن /
فاينانشال تايمز
بارني جوبسون وأندرو إيدجكليف جونسون وإيميلي ستيل
من واشنطن
جيف بيزوس مشهور بصبره، وله نهج طويل الأمد في الاستثمار والاستعداد
لخسارة المال، وأن يكون ممن ''يساء فهمه'' لسنوات.
لقد استخدم ذلك لابتكار شركات أعمال جديدة في مجال
التكنولوجيا التي حازت على الإعجاب على نطاق واسع، على الرغم من أن ربحيتها لا
تزال ضئيلة، ولم يستخدمها قط لإنقاذ شركة قديمة متعثرة. ولكن هذه هي
المهمة التي اتخذها من خلال شراء صحيفة واشنطن بوست. وقد صُدِم أحد التنفيذيين
السابقين في ''أمازون'' قائلا: ''حقا؟'' وذلك عندما بلغه نبأ الصفقة المقدرة بمبلغ
250 مليون دولار. وقال: ''رد فعلي الأولي هو: هذا غريب''.
بيزوس سيشتري الصحيفة عن طريق إحدى الأدوات
الاستثمارية الخاصة به، وليس من خلال ''أمازون''، وهو هيكل أثار تساؤلات حول ما
إذا كان الاتفاق هو هواية أو عقلية مدنية، أو رغبة في تشكيل الرأي العام أم أنه
رهان عتيد في الأعمال.
أبرز دون جراهام، رئيس مجلس الإدارة والرئيس
التنفيذي لشركة واشنطن بوست، نهج بيزوس على المدى الطويل بسمة واحدة هي التي جعلت
منه ''المالك الجديد الجيد بشكل فريد'' لهذه الصحيفة. لديه من المال الكثير ولا
يهتم بنشر نمو أرباح ثابتة لإرضاء ''وول ستريت''، وهذا يضعه في سلالة العديد من
بارونات الصحافة المعروفين منذ القدم.
ولكن أهم أمر يحمل أفضل الوعود بالنسبة للصحيفة يظل ''عبقرية'' بيزوس
في مجال التكنولوجيا – على حد تعبير جراهام. ما يفعله بيزوس في 18 عاما في ''أمازون''،
وهي شركة تمتد أعمالها الآن إلى نشر الكتب وتجارة الأزياء بالتجزئة والتخزين
والحوسبة السحابية والإنتاج التلفزيوني، يشير إلى خمسة طرق يستطيع بها استخدام
خبرته لإحداث تغييرات واسعة في ''واشنطن بوست''.
الأول هو التنقيب في مليارات المعلومات الرقمية حول عادات العملاء
وتفضيلاتهم - الكنوز الأسطورية المشهورة من ''البيانات الكبيرة'' - لمنحهم ما
يريدون بالضبط. ذلك هو ما يفعله ''أمازون'' عند إرساله رسائل إلكترونية تتضمن
عبارة ''لدينا توصيات لك''. وفي رسالته إلى موظفي الصحيفة، قال بيزوس: ''سيكون
معيارنا هو القراء وفهم ما يهتمون به – الحكومة والقادة المحليون وشواغر مقاعد
المطاعم والقوات الكشفية والأعمال التجارية والجمعيات الخيرية والمحافظين والرياضة
– والعمل انطلاقاً من هذه الأشياء''.
لكن هناك خلاف وجدل حول ما إذا كان ذلك من شأنه أن يحسن نوعية صحيفة
واشنطن بوست، أو المساعدة في جعلها أكثر ربحية. الجزء البالغ الأهمية من تجربة
القراءة المطبوعة هي اكتشاف المقالات بالمصادفة، والكثير من التشخيص الزائد عن
الحد يمكن أن يحبس القراء في غرفة ترجيع الصدى.
ثمة مجال ثانٍ يتصل بذلك حيث يمكن لبيزوس أن يحدث فيه أثراً كبيراً
وهو على منصات القراءة، من خلال تغيير الطريقة التي يتم بها عرض الأخبار، تماماً
كما تغيرت الكتب من خلال إطلاق القارئ الإلكتروني كيندل في عام 2007.
يقول كين دكتور، وهو محلل مع ''آوتسيل''، إن ما يهم هو تجربة العملاء.
ويضيف: ''ليس من الضروري أن ينطوي ذلك على إضافة أجهزة جديدة. لقد أنشأ بيزوس ''أمازون''
لتشتمل على أفضل تجربة للزبائن على شبكة الإنترنت. كيف يمكنك تحقيق مثل تجربة
عملاء ''أمازون'' لقراءة الأخبار على جهاز آي باد وعلى هاتف أندرويد؟''.
لا يزال هناك مجال واسع لطريقة جديدة لتقديم الأخبار من خلال واجهة
واحدة، كما يقول دكتور. وأضاف: ''ما فعله ''أمازون'' من أجل التجارة، وما فعلته ''أبل''
للموسيقى من خلال ''آي تيونز''، لم يفعله أحد في أي وقت مضى من أجل الأخبار. جيف
بيزوس، من خلال عدسة التفكير الخاصة بشركة أمازون، لديه القدرة على فعل ذلك''.''
وقال جراهام إن ابتكارات صحيفة واشنطن بوست الداخلية، مثل تطبيق الآي
باد، قد زادت من عدد قرائها، ولكن ليس بما فيه الكفاية.
في التقرير السنوي لعام 2012 سلّط الضوء على برنامج القارئ الاجتماعي
لصحيفة واشنطن بوست في ''فيسبوك''، والذي تم تحميله من قبل أكثر من 30 مليون شخص، ''لقد
ذهب هذا كله'' بعد ذلك بسنة.
حين نأتي إلى مكاتب الأخبار، يمكن أن تكون مساهمة بيزوس الثالثة في
أفكاره الخاصة حول الصحافة.
يقول موظف سابق آخر في أمازون: ''جيف هو إلى حد كبير من طلاب الأخبار
ويقرأ للصحافيين بعناية جيدة وبطريقة نقدية ومدروسة''.
أضفى بيزوس الطابع الديمقراطي على عملية إنتاج الكتاب من خلال برنامج
النشر الذاتي الخاص بشركة أمازون، وسعى لخلق سوق متخصصة جديدة للكتب القصيرة، من
خلال برنامج كندل سنجلز بدولارين، الذي يحتل مكاناً وسطاً بين مقالات المجلات التي
لا تزيد على خمسة آلاف كلمة، وبين كتب تتألف من أكثر من 30 ألف كلمة.
نشرت ''أمازون'' الأسبوع الماضي مقابلة على ''كندل سنجلز'' مع الرئيس
باراك أوباما. الإعلان هو المجال الرابع حيث يجلب بيزوس الخبرة لصحيفة واشنطن
بوست، والتي انخفضت عائداتها من الإعلانات المطبوعة بنسبة 14 في المائة لتصل إلى 228
مليون دولار العام الماضي.
المنصات الرقمية بقيادة جوجل وفيسبوك مهمة على نحو متزايد للمعلنين،
ولكن يحاول بيزوس شق طريقه عنوة في هذا المجال أيضاً.
مرة أخرى من خلال الاستفادة من نفائس بيانات المستهلكين، يبيع ''أمازون''
فتحات الإعلان على مواقع خاصة بها وعلى أجهزة كيندل، فضلاً عن شبكة من المواقع
الأخرى.
هذا العام سترتفع إيرادات ''أمازون'' من الإعلانات في جميع أنحاء
العالم بنسبة 37 في المائة لتصل إلى 835 مليون دولار، كما تشير تقديرات ''إي
ماركيتر'' وهي مجموعة أبحاث. سبق أن فعلت الصحيفة الكثير من أجل التكيف مع نمو
الإنترنت، لكن جراهام صريح حول التحديات، ويقول: ''حيث إننا نواجَه بقدر كبير من
الإعلانات المبوبة في الصحيفة، وانتشار تجارة التجزئة على مستوى البلاد، وتراجع
القراء بين الشباب، ليست لدينا صيغة للربحية الدائمة''.
التخصص الأمازوني الخامس والذي يمكنه أن يثبت أنه له صلة مهمة، هو
الطريق الذي يجمع فيه المنتجات الإعلامية معاً، ضمن حزم لزيادة الجاذبية الشاملة
من خدمات ''أمازون''. على سبيل المثال، أنفقت ''أمازون'' مئات الملايين من
الدولارات للحصول على حقوق الأفلام والبرامج التلفزيونية التي تتدفق مجاناً
للمشتركين الرئيسين، كحافز إضافي.