الجمعة، 11 أكتوبر 2013

صحافة بغداد مابين عامي 1920 – 1970 .. تنوع المضامين والاتجاهات

متابعات إعلامية / بغداد /  د. أكرم الربيعي
د. أكرم فرج الربيعي
د. رياض محمد كاظم
نقلا عن : ذاكرة بغداد الثقافية
الحلقة الاولى
تمهيد:
على الرغم من أن الصحافة العراقية أول ما نشأت ، حكومية تصدر بأمر منها وبأموالها وتحت توجيهها وإشرافها. ( ) إلا أنها استطاعت أن تتنوع في مضامينها واتجاهاتها ومنها صحف بغداد
فالمعلومات التي جاء بها الرحالة الأجانب ومنهم البريطانيون ، ابدوا حقيقة هي أن أول صحيفة ظهرت باللغة العربية كانت (جريدة العراق) في بغداد عام 1816 وذلك عندما عين الوالي معروف داود باشا الكورجي واليا ،إلا أن المثبت تاريخيا أن أول جريدة عراقية صدرت باللغة العربية هي (زوراء) في 15 حزيران عام 1869 وهي السنة التي جلب فيها الوالي مدحت باشا مطبعة الولاية( ) .ويمكن القول أن الفترة التي أعقبت إعلان الدستور العثماني عام 1908 تميزت بظهور عشرات الصحف والمجلات في العراق بصورة مستقلة عن السلطة إذ عبر ذلك عن التوق إلى التمتع بهذا الحق الذي يتيح فرص حرية التعبير والرأي ،ومهما كانت النتائج التي ترتبت على هذا الانبعاث وبالرغم من الظروف المختلفة التي أحاطت به إلا أن السلطات الحاكمة سرعان ما أعلنت عن إجراءات حدت من ذلك الانبعاث ،وقد جاءت الحرب العالمية الأولى لتقضي على البقية الباقية مما منحه الدستور العثماني فأجهزت على الصحف وابقي على ما يعبر عن مواقف السلطة بشكل مباشر وهكذا اضمحل الانبعاث الأول للصحافة العراقية ،وإذا جاز اعتبار إعلان الدستور العثماني هو بدء الانبعاث الأول للصحافة غير الحكومية أو الرسمية في العراق فيمكن اعتبار ظهور الصحف العراقية في أواخر الاحتلال البريطاني المباشر للعراق هو الانبعاث الثاني لها .
وفي بغداد وتحديدا في يوم 4 تموز 1917 صدر العدد الأول من جريدة العرب التي كان يشتغل فيها الأب انستاس ماري الكرملي وقد استمرت بالصدور حتى يوم 31 أيار 1920 عندما أعلنت احتجابها ومولد جريدة العراق التي أصدرها رزوق غنام في الأول من حزيران عام 1920 واستمرت في الصدور حتى عام 1946 ،ومع أن تلك الجريدة صدرت في عهد الاحتلال البريطاني وكان اغلب كتابها من الذين اشتغلوا في جريدة العرب فقد اعتبرت مدرسة تخرج منها وعمل فيها اغلب الذين اشتهروا في الوسط الصحفي فيما بعد إذ وصفها روفائيل بطي بأنها تعالج السياسة والاقتصاد والأدب بلسان عربي فصيح فلم تكن تهمل واجبها كجريدة تشعر بالضمير الصحفي وتعزز النزعة الوطنية بطريقة ايجابية معتدلة مما اكسبها رضا كثير من السياسيين بحيث صاح محمد مهدي البصير لنحيي جريدة العراق بينما كان يخطب في احد المهرجانات الثورية في جامع الحيدرخانه .
ومن هذه المقدمة أردنا أن نقول أن انطلاقة الصحف العراقية في بداية عهدها ومنها صحف بغداد كانت بأمر من الدولة أو تحت إشرافها سواء كانت سلطة الاحتلال أو غيرها إلا أنها استطاعت أن تخط لنفسها أسلوبا مميزا يعطيها خصوصيتها وهذا ما سنلاحظه عند استعراضنا لصحف بغداد وخصوصا بعد تأسيس الدولة العراقية عام 1921 إذ برز تطور ملحوظ في السنوات الأخيرة من تأسيس الدولة العراقية عام 1921 تمثل بإدخال الصورة الإخبارية في المادة الصحفية وذلك عن طريق الوكالات الأجنبية ، وكذلك الاهتمام بـ (المانشيت) المخطوط للعناوين الرئيسة البارزة في الصفحة الأولى .
وتنطلق أهمية هذا البحث من كونه يسلط الضوء على الأسلوب الذي اختطته صحف بغداد منذ عام 1920 في تنوع مضامين موضوعاتها واتجاهاتها على الرغم من وقوعها تحت سيطرة السلطات الحاكمة وإجراءاتها ، فالأهمية التي يقدمها هذا البحث تتعلق بالجانب التاريخي والتوثيقي للصحف التي صدرت في بغداد منذ عام 1920 لغاية 1970 ،وهي بذلك تضيف فائدة مركبة في آن واحد الأولى للمجتمع عن طريق توفير دليل للصحف التي صدرت في بغداد والأسلوب الذي اختطته في تحريرها الصحفي للمواد المنشورة فيها والثاني معرفي يتمثل في إمكانية تشخيص هذا الأسلوب ومدى استقلاليته عن السلطة .
وكما هو معلوم أن مشكلة البحث يمكن أن تصاغ على شكل أسئلة يضعها الباحث ثم يحاول الإجابة عنها في بحثه وذلك عن طريق الملاحظة الدقيقة والتحليل الإحصائي لنتائج هذه الملاحظة والتجريب العلمي للتحقق من صحة الملاحظات التي جمعت وما قد ينتج عنها من استنتاجات " ( ) فقد سعت هذه الدراسة إلى الإجابة عن الأسئلة الآتية :
1. ما ابرز الصحف التي صدرت في بغداد منذ عام 1920 لغاية 1970 ؟
2. ما ابرز تصنيفات الصحف البغدادية ؟
3. ما السياسة الإعلامية العامة التي تعبر عنها صحف بغداد في تلك الفترة الزمنية ؟
وتجيب الأهداف عن التساؤلات الخاصة بالدراسة والتي يبغي الباحث التوصل إليها لذا تتمحور أهداف هذه الدراسة في محورين الأول يكمن في حصر ابرز الصحف البغدادية للمدة من 1920 لغاية 1970 والثاني تشخيص الخط العام الذي انتهجته هذه الصحف عبر تنوع مضامينها واتجاهاتها ، ولتحقيق هذه الأهداف استعانت الدراسة بالمنهج التاريخي لاستعراض الصحف البغدادية من حيث الإصدار وتاريخه وسياستها الإعلامية العامة.