الأحد، 17 نوفمبر 2013

تويتر غير دور الصحافة التقليدية إلى الأبد

متابعات إعلامية /
تويتر يعتبر البصمة الرقمية لكل ما يحدث حول العالم حيث ساهم في تغيير مسار الأخبار والتغريدات على نحو جذري.
تقدّر شركة تويتر قيمة أصولها بنحو 12 مليار دولار، وتتوقع أن تجمع ما يُقارب 1.3 مليار دولار من المبيعات. ولكن لننسَ أمر المال ونفكر في تأثير موقع تويتر خلال حياته القصيرة التي لم تتخطَ بعد السبع سنوات.
يشهد موقع تويتر كمعدل 500 مليون تغريدة يوميّاً، ولا داعي لأن تغرّد لتشارك فيه. يستعمله نحو 40 بالمئة من المستخدمين كمصدر إخباري للحصول على آخر التطورات في المجالات التي يهوونها.
يُعتبر هذا المصدر الإخباري مهمّاً لأنه بدّل الطريقة التي تُجمع بها الأخبار وتوَزّع وتُستهلك. وقدّم لنا الخبر الأبرز هذه السنة، إدوارد سنودن/ تسريبات وكالة الأمن القومي، مثالاً معبّراً.
وأشار مدير تنفيذي بارز في صحيفة الغارديان إلى أن «هذا الخبر انتشر من خلال هذه الصحيفة وموقع تويتر. ومرت ساعة قبل أن يصل إلى محطات الأخبار». وينقل الموقع المستخدمين إلى مواقع صحيفة الغارديان من مناطق لا تتوافر فيها هذه الصحيفة بنسختها المطبوعة.
ويوضح نيكي وولف من مجلة The Atlantic أن 10 يونيو، اليوم الذي تلى كشف سنودن هويته على موقع صحيفة الغارديان، شهد الحركة الأكبر في تاريخ الصحيفة. فقد تهافت على الموقع 6.97 ملايين متصفح. يوضح وولف «في 10 يونيو، تخطى معدل الدخول الأميركي لموقع الصحيفة الدخول البريطاني للمرة الأولى في تاريخ الصحيفة».
من هذا المنطلق، يُسهّل تويتر توسع صحيفة الغارديان العالمي في أسواق كان من الصعب الوصول إليها سابقاً. ولا شك في أن هذا بالغ الأهمية في النماذج التجارية لوسائل الإعلام الإخبارية الأحدث، خصوصاً أن بلوغ أسواق جديدة يُعتبر أحد مطالب المعلنين الرئيسة.

غرف الأخبار ومواقع التواصل:
بدّلت مواقع التواصل الاجتماعي غرف الأخبار، مسرّعة جمع الأخبار ومتيحةً لها الاطلاع على مجموعة أوسع من المصادر والمواد. ساهم انتشار تويتر الواسع في تغيير دور الصحفي على نحو جذري. فلا ينام هذا الموقع، شأنه في ذلك شأن الصحفي العصري، الذي يبحث عن آخر التطورات طوال الساعات الأربع والعشرين، ناشراً الأخبار والتغريدات. تشكّل هذه عادةً بيئة معادية.
وتذكر الصحفية والمدوّنة آيمي كاسيل «يمكن أن يتفاقم خطأ صغير واحد بسرعة بفضل جهود مَن يطمحون إلى أن يكونوا محققين يتربصون بقسم التعليقات ويتسلحون بقدرة إجراء بحث فوري. فما عادت التصحيحات عملية مجدية، فهي تحدث فيما يقرأ العالم الخبر.
ويعني ذلك أيضاً أن القراء سيُعاقبون بلا رحمة على نقل أخبار خاطئة. لذلك عليك أن تحرص على أن تكون أخبارك لا شائبة فيها أو هفوة». بعدما كان المراسلون يتواصلون بواسطة الورق، يواجه «وهم الصحفي واسع الاطلاع» اليوم تحديات كبرى. صار بإمكان المشاركين في حدث ما أو مراقبيه نقل الأخبار عبر تويتر. فيرتكز عمل الصحفي غالباً على التفسير والتوضيح، متفاعلاً مع الحدث بسرعة.
وهكذا يُضطر الصحفي إلى البحث والتنقيب وسط أطنان من المعلومات والآراء ليقرر ما يجب نقله إلى الناس. ويوضح الصحفي المتمرس في مجال التكنولوجيا أليكس ماسترز أن تفاعل تويتر صار مرادفاً لتغطية الأخبار.


هل صار تويتر الخبر:
يعتبر البعض أن تويتر سخّف الصحافة. فصار من الملائم للصحفي الكسول الاعتماد على «تعابير الغضب» على تويتر لينقل الأخبار. ولا شك في أننا سنلاحظ أن هذا الرأي يحمل شيئاً من الحقيقة، عندما نلقي نظرة سريعة على الصحف خلال الأسابيع الماضية. على سبيل المثال، شمل قسم الأخبار في صحيفة الغارديان الجدال الذي دار عبر تويتر بين لورد شوغر ونيك كليغ.
وخلال الأحوال الجوية السيئة الأخيرة التي شهدتها بريطانيا، نقل بعض الصحف المطبوعة تغريدات المشاهير التي سخرت من تأثيرات العاصفة. ما هذان إلا نموذجين من أمثلة كثيرة. نتيجة لذلك، يقول المحلل الإعلامي الأميركي جيف سوندرمان «من الممكن أن تفرط في استعمال تويتر، متجاهلاً أنواع التغطية الإخبارية الأخرى. كذلك قد تركز على سبق صحفي تافه عبر تويتر، غافلاً عن العمل الصحفي العميق بالغ الأهمية.
لكنه يضيف «لا يكمن الحل في عدم استعمال تويتر البتة، بل في عدم استعماله بهذه الطريقة». ولعل هذا المفتاح الأساس. فالطريقة التي يُستعمل بها هي ما يقلل من قيمته، ويجب ألا نستخف بقوة هذا الوسيط.

استعمال مثمر:
ثمة أمثلة عدة على هذا النوع من الاستعمال المثمر لمواقع التواصل الاجتماعي. ولعل أبرزها النجاح في استخدام تويتر خلال الربيع العربي عام 2011 بغية حشد الدعم للتغيير على الصعيدين المحلي والدولي.
لكن البعض قد يعتبر أن الحملة التي حضت المعلنين على الامتناع عن التعامل معNews of the World خلال الأيام الأولى لفضيحة التنصت على الهواتف كانت السبب وراء انهيار هذه الصحيفة السريع.
خافت الشركات أن ينعكس هذا الوضع عليها سلباً وأن تلحق بها أضرار بسبب علاقتها بهذه الصحيفة، فبدأت بالابتعاد عنها الواحدة تلو الأخرى. وبعد يوم من كشف الغارديان الخبر، كانت شركات جنرال موتورز، ميتسوبيشي موتورز، وبنك لويدز من بين المؤسسات الكثيرة التي علّقت إعلاناتها. أطلق مشروع Everyday Sexism،»المرأة العمل، والإعلام»، حملة دولية ضد محتوى فيسبوك، بعدما شعر أنه يشجع على الاغتصاب والعنف الأسري.
وبعد أكثر من 60 ألف تغريدة استخدمت علامة المربع #FBrape وحملة منظمة أخرى استهدفت المعلنين، أُرغم موقع فيسبوك على إصدار بيان وعد فيه بالعمل وفق مطالب .Everyday Sexism
صحيح أن هذه أمثلة عن الحملات الناشطة لا العمل الصحفي، إلا أنها تبقى بالتأكيد مصادر معلومات. ولا شك في أن أية مؤسسة إخبارية تجاهلت أو تغاضت بالكامل عما نقلته مواقع التواصل الاجتماعي خلال الربيع العربي، خسرت بالتأكيد مصدراً بارزاً للأخبار المكتوبة والمرئية على حد سواء



البشاير