متابعات إعلامية / القاهرة
الخبراء يناقشون ملامح حرية الإعلام في الدستور الجديد
تأكيدات على إصدار قانون تداول المعلومات .. وإنشاء مجلس وطني للإعلام
د. حسن مكاوي : نتطلع إلى إعلام مهني راق ذو مصداقية
د. رونالد ميناردوس: تفعيل الرقابة الذاتية هى الأفضل
نظمت
كلية الإعلام جامعة القاهرة يوم الأحد 23 سبتمبر 2012 مؤتمراً بعنوان
"الإعلاميون وسلطات الدولة" لمناقشة أهم التغيرات التي تشهدها ساحة الإعلام
المصري من أجل التحول نحو الديمقراطية. وناقش المؤتمرالذي نظمته الكلية
بالتعاون مع مؤسسة فريد ريش ناومان من أجل الحرية ، ومعهد الأهرام الإقليمي
، وجمعية خريجي الإعلام ، وحضره كوكبة من خبراء الإعلام من الأكاديميين
والممارسين أهم التغيرات التي طرأت على الإعلام المصري عقب ثورة الخامس
والعشرون من يناير ، ووضع الإعلام في الدستور الجديد .
وتضمنت
فعاليات المؤتمر ثلاث جلسات أساسية عرض فيها الخبراء من الأكاديميين
والممارسين لرؤيتهم حول سبل دمقرطة وسائل الإعلام ، وإعادة هيكلتها
وتحريرها من التبعية للسلطة السياسية .
من
جانبه ، صرح الأستاذ الدكتور حسن عماد مكاوى عميد كلية الإعلام على أن هذا
المؤتمريأتى فى أطار سلسلة من المؤتمرات التى تعقدها الكلية مع كافة
الجهات المعنية بوضع الإعلام فى الدستور الجديد .
وأكد
على أن حالة التخبط والارتجالية التي شهدتها مصر خلال الفترة الانتقالية
قد انعكستبالسلب على العديد من الممارسات الإعلامية وتمثل ذلك في تدنى
المهنية من خلال افتقاد الدقة فى نقل المعلومات ، وخلط الأخبار بالآراء ،
وحجب المعلومات من جانب المصادر الحكومية ، وانتشار ظاهرة الأخبار المجهلة ،
ونقل المعلومات من بعض المواقع الإخبارية وشبكات التواصل الإجتماعى دون
تدقيق أو تيقن ، وتغليب المصالح الفردية والفئوية على الصالح العام ، وما
يجرى حالياً من مظاهر الاستعلاء والاستقواء والتغول من بعض القوى السياسية.
وناشد:
الحاضرين من الإكاديمين والممارسين بطرح رؤهم المختلفة واستعراض خبراتهم
المهنية بما يؤدى إلى الارتقاء بالإعلام المصري لتلبية طموح المصريين في
إعلام مهني راق ذو مصداقية وكفاءة يعكس أوضاع المجتمع الحقيقية بكل
إيجابياته وسلبياته .
فيما
أعرب الدكتور رونالد ميناردوس عن سعادته البالغة للمشاركة في فعاليات هذا
المؤتمر، قائلاً : أشعر بسعادة بالغة في ظل تعاون المؤسسة الألمانية التي
أمثلها مع كلية الإعلام في موضوع هام حول وضع ومستقبل وسائل الإعلام في
مصر. وأشار إلى أن مصر الأن تعيش فى مرحلة شديدة الحساسية تتطلع فيها إلى
ديمقراطية حقيقية بعد أن ظلت سنوات طويلة تحت حكم استبدادي تسبب في تقييد
حرية الإعلام بأشكالها المختلفة .
وأكد
على أهمية تحرير وسائل الإعلام من قبضة الحكومات والرقابة ، قائلاً : إذا
ما كنا نريد ديمقراطية حقيقية فى مصر فعلينا أن نبدأ بتحرير الإعلام من
هيمنة السلطة وتفعيل آلية الرقابة الذاتية أو الضبط الذاتي لوسائل الإعلام
فهي أفضل بكثير من رقابة الحكومات التي دائماً ماتسعى إلى تحويل وسائل
الإعلام إلى منابر دعائية لها ، مشدداً على أن كافة الدساتير الديمقراطية
في العالم أحد أركانها الأساسية هى حرية الإعلام وحرية التعبير .
وعلق
الدكتور حسن أبو طالب مدير معهد الأهرام الأقليمى قائلاً : في هذه اللحظة
الانتقالية المتعثرة التي تشهدها مصر ، يجد الإعلاميون أنفسهم متطلعين نحو
تغيير واقعهم وبما يعنى أمرين متلازمين، الأول : هوالتخلص من ميراث الوصاية والتبعية الذي عانوا منه في السنوات الخمسين الماضية ، والثاني: السعي الدءوب نحو تحقيق أحد أهم أهداف ثورة يناير المجيدة وهى الحرية .
فيما
أكد الدكتور محمد بسيونى مستشار نقابة الإعلاميين تحت التأسيس أن المشكلة
الرئيسية التي يعانى منها الإعلام خلال الفترة الراهنة هىأن غالبية من
يتحدثون عن الإعلام وقضاياه ومشكلاته ليسوا متخصصين في هذا المجال .موضحاً
أن الأمر الأخطر من ذلك هو أنه بات يتم التعامل مع الإعلام على أنه"حملاً
زائد". مطالباً بضرورة تكاتف الإعلاميين من أجل النضال فى سبيل حرية
الإعلام . مشدداً على أهمية أن يتحرر الإعلام من تبعية السلطة السياسية
لافتاً إلى أن هذا الأمر هو أولى خطوات الإصلاح على طريق الديمقراطية.
وشدد
الدكتور سليمان صالح رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام على أهمية تحقيق
التكامل بين حرية الإعلام وحق المجتمع في التمتع بهذه الحرية ، قائلاً: إذا
كان علينا جميعاً الكفاح من أجل أن تنال وسائل الإعلام حريتها فلابد أن
تسعى وسائل الإعلام لتقديم معلومات حقيقية للقارئ إعمالاً بدورها في الوفاء
بحق الجمهور في المعرفة وممارسة دورالرقيب في الكشف عن الفساد والانحرافات
في المجتمع المصري ، كما ينبغي على وسائل الإعلام أن تعمل جاهدة على تحقيق
التماسك بين أفراد المجتمع وكياناته ، وأن تصبح ساحة لتبادل مختلف أراء
أفراد وقوى المجتمع المصري ، فعلى الإعلام أن يقوم بدورهفي أطار منظومة
وظائفه في المجتمع الديمقراطي بدعم الحوار المجتمعي وإثارة نقاش مجتمعي حول
قضايا ومشكلات المجتمع. فعلينا إذا ماكنا أن نرغب في تحقيق ديمقراطية
حقيقية أن نستمع لأراء بعضنا البعض وآلا يتجاهل كل منا الأخر .
وأوضح
الناقد الإعلامي طارق الشناوي في كلمته أن الرهان القادم في الدفاع عن
حرية الإعلام على الشعب وليس على الإعلاميين الذين حاولوا مرراً وتكرراً
خوض معارك عنيفة من أجلحريته .
وعقب
حلمي النمنم الكاتب الصحفي بدار الهلال :ق بل أن نتحدث عن وضع الإعلام في
الدستور الجديد علينا أن نفكرجيدا في الإشكاليات التي تقف عائقاً أمام حرية
الصحافة لافتاً إلى أن أبرز هذه الإشكاليات هي ترسانة القوانين المقيدة
لحرية الصحافة والإعلام في مصر ، وكذلك نقصالوعي العام لدى المواطن المصري
بأهمية حرية الإعلام ، بالإضافة إلى غياب قانونيسمح بحرية تداول المعلومات
للصحفيين.
وذكرت
الدكتورة هويدا مصطفى رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون : أن الإشكالية
الرئيسية التي تهدد صناعة الإعلام في العالم العربي بصفة عامة تكمن في أن
الحكومات السلطويةهي التي تصنع وسائل الإعلام ، ومن ثم تتحكم في تسييس
وسائل الإعلام لخدمة مصالحها وتكرسها للقيام بدور الدعاية السياسية للنظام
بدلاً من التطرق لمشكلاته الحقيقية.
وأكد
الدكتور هشام عطية الأستاذ بقسم الصحافة على أن أي تحول حقيقي نحو حرية
الإعلام هو فيجوهره تحول نحو إعادة حقوق المواطنين الإعلامية والحفاظ عليها
. وطرح مجموعة منالبدائل والتصورات التي يمكن من شأنها أن تقود نحو
ديمقراطية حقيقية لوسائل الإعلام أبرزها : أن يقتصر دور الدولة فقط على
التدخل لسد أي قصور مالي يواجه وسائل الإعلام دون أن تتحكم فيها ، ودون أن
تتدخل كفاعل رئيسي ، وكذلك ينبغي إنشاء مؤسسات تدريبية للارتقاء بمهارات
شباب الصحفيين، وأن تتولى نقابة الصحفيين دور المحاسب في حالة أي تجاوزات
مهنية من قبل الصحفيين، وأن يتم إنشاء جمعيات وطنية يشترك فيها المشاهدين
والقراء لمتابعة أداء وسائلالإعلام المصرية. وأعرب الأستاذ مجدى عبد العزيز
الناقد الإعلامى بجريدة الأخبارعن غضبه واستياءه من الاداء الإعلامى
الراهن مرجعاً حالة التردى إلى ما أسماه" أنيميا المعلومات " مطالباً
الرئيس مرسى بضرورة إصدار تشريع يقضىبحرية تداول المعلومات .
وطرحت
الدكتورة جيهانيسرى وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب تصوراً يحدد طبيعة
العلاقة بين الإعلام وسلطات الدولة مشيرة إلى أن هذه العلاقة تقوم على
محورين الأول هو علاقة قائمة على أساس التبعية ، والثانى علاقة قائمة على
الخصومة بين الطرفين فى ظل غياب حدود الدور الذى من المفترض أن يقوم بهكلاً
منهم إزاء الأخر.
وأكدت الدكتورة نجلاء العمرى مدير هيئة B.B.C
بالقاهرة على أن استشراف مستقبل حرية الإعلام غاية فى الصعوبة فى ظل عدم
وجود مفهوم محدد لهذه الحرية ، وقالت أنه على الرغم من أن هناك محاولات
جادة لطرح رؤى ومبادرات من أجل حرية الإعلام الإ أن غالبية هذه المبادرات
لا تكتمل ، وإذا ماكنا نريد ديمقراطية حقيقية للإعلام علينا أن نعى جيداً
أهمية أن يحرر الإعلاميين أنفسهم من قبضة السلطة المسيطرة عليهم سواء كانت
ممثلة فى سلطة رسمية " النظام الحاكم "، أو غير رسمية " رجال الإعمال"
الذين جعلوا الإعلاميون يتحولون إلى مجرد أداة للدفاع عن مصالحهم .
ودعت إلى أهمية أن ينص الدستور الجديد على مفهوم واضح وصريح لحرية الإعلام . وأن يتحول إلى إعلام لخدمة الشعب وليس لخدمة المالك .
فيما
أكد الأستاذ على عبدالرحمن رئيس قطاع القنوات المتخصصة على أن الحديث عن
علاقة الإعلام بالسلطة سيظل "هراء" مالم تكن هناك أربعة أمور أساسية هي :
فصل الإدارة عن الملكية، واستقلالية التمويل ، وآلية تضمن التدفق
المعلوماتي، وإصلاح البيئة التشريعية.
وخلص
المؤتمر فى نهاية جلساته إلى عدد من التوصيات منها : اطلاق قانون يسمح
بحرية تداول المعلومات ويضمن للإعلاميين حقهم فى الوصول إلىمصادر المعلومات
بما يمكنهم من تقديم الحقائق للرأى العام ، والتأكيد على إصدارتشريع يحدد
طبيعة العلاقة بين الإعلام والسلطة السياسية ، مشيرين أن تكتفي الدولة بدور
الداعم للمبادرات الإعلامية وليس الفاعل المسيطر والمتحكم فيها ، وكذلك
العمل على إنشاء جمعيات وطنية ينضم إليها المتلقين من أجل متابعة أداء
وسائل الإعلام ،مع التأكيد على أهمية بث المضامين التدريبية للجماهير والتى
تساعدهم على عملية تقييم أداء وسائل الإعلام . بالإضافة إلى التأكيد على
أهمية فصل الأدارة عن الملكية بما يساهم فى تحقيق مزيد من الاستقلال لوسائل
الإعلام وأن يضمن الدستور الجديد حق الحصانة المهنية للصحفيين
والإعلاميين. بالأضافة إلى التأكيد على أنشاء مجلس قومى أو مجلس وطنى
للإعلام يتولى شئون إدارته وأن يتم الغاء وزارة الإعلام .
وأعرب
كافة المشاركون عنأملهم الشديد فى أن يتم أخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار
من جانب الجمعية التأسيسية للدستور وخاصة من قبل المعنيين بباب الحريات .
موقع كلية اعلام القاهرة
موقع كلية اعلام القاهرة