متابعات إعلامية /
هل بالامكان حقا السيطرة وضبط طوفان الانترنت؟
من الواضح ان مثل هذا الحلم ظل يراود الكثيرين بتحقيقه ممن لا يعرفون
عن الانترنت سوى اسمه فقط، ولا يدركون انه توأم الهواء الذي لا يمسك وشقيق الضوء
في سرعته الفائقة.
وفي ظل هذه الوضعية الحرجة من صعوبة التعامل مع هذا الطوفان المعولم
من المعلومات المختلفة، نقع في حيرة كبيرة، فالفوائد من الانترنت لا حدود لها، كما
ان مخاطر التعريض بكرامات الناس وسمعتهم ايضا لا حدود لها، فكيف يمكن اذا المواءمة
بين النقيضين؟ علما بان اشكالات هذه القضية المعقدة لاتزال في بداياتها لان انتشار
الانترنت عالميا لايزال محدودا رغم الاعتقاد المضلل بأنه منتشر في كل شارع وبيت.
في هذه الحلقة من 'قضية ورأيان' استضفنا كلا من المحامي نواف الياسين
للحديث عن امكان تقنية النشر الالكتروني من الناحية القانونية، والمهندسة منار
الحشاش التي سلطت الضوء على مواضيع حجب المواقع وتتبع مستخدمي الانترنت فكانت معهم
هذه الحصيلة من الاجابات.
نواف الياسين - محام : الانترنت ليس منطقة ملموسة
يمكن الإمساك بها
هل يمكن من الناحية القانونية فرض تشريع ملزم ينظم
عملية النشر على شبكة الانترنت؟
- قبل ان اجيب عن هذا السؤال من المهم ان اشير ومع الاسف الشديد الى
تزايد حالات الحجب التي طالت الكثير من المواقع الالكترونية المعنية بالشأن
الكويتي، على اختلاف انواعها من صحف ومواقع ومدونات.
في هذه القضية المطروحة وهو وجود توجه وتفكير بتنظيم النشر على شبكة
الانترنت واخذ الاذن المسبق والترخيص من وزارة الاعلام، فهذا امر يمكن مناقشته من
عدة نواحي اهمها ان الانترنت ليس ارضا او منطقة ملموسة يمكن الامساك بها، الامر
الثاني والحيوي جدا هو كيفية تطبيق القانون المحلي الكويتي للمحاسبة على فعل آيا
كان يقع في خارج الكويت وهو المبدأ المعروف باقليمية القوانين وتعني انه من
المستحيل تطبيق القانون الكويتي في بلد غير الكويت ولا يمكننا محاسبة اي احد.
يرتكب اي فعل نعتبره مخالفا لقوانينا خارج ارضنا، لأنه وبكل بساطة كل
دولة تشرع قوانينها ولنفسها، وعليه فإن مثل التوجه الذي يراه له يقنن ويعتبر مسألة
معقدة ومن يرد ضبط ما ينشر في الانترنت فسيكتشف ان هذه العملية مستحيلة.
غير معرف
إذا هذا الامر مليء بالاشكالات القانونية ولكن هل يعقل الا يحاسب من
يكتب مقالا او اخبارا ملفقة على فعلته؟ هل يترك؟
- نحاسب الكاتب او المشرفين على الموقع او الشركة التي منحتهم الموقع
الالكتروني، وكل طرف من هؤلاء نواجه فيه صعوبة خاصة، فالكاتب يستطيع الانكار حتى
لو كتب باسمه الصريح، فما رأيك لو انه كتب باسم مستعار والشيء نفسه بالنسبة
للمشرفين على الموقع، اما الشركة المؤجرة للموقع فهي في الغالب غير كويتية، في هذه
الحالة كيف نحاسبها، هل نذهب الى البلد الذي تنتمي له تلك الشركة ونحاسبها بقوانين
الكويت؟ ام قوانين تلك البلد؟ ومن الاهمية بمكان ان اشير الى ان مفهوم الصحيفة
الالكترونية غير معرف او محدد، فالصحيفة التي تكتب عن الكويت او حتى صحفنا اليومية
الالكترونية هي لا تبث في مساحة محددة مثل القناة الفضائية او الارضية، بل يمكن
قراءتها في البرازيل او جنوب افريقيا في الوقت نفسه مع الكويت.
م. منار الحشاش - مدقق نظم معلومات: ليس هناك تقنية
مضمونة بالكامل لحجب المواقع
الا توجد طريقة تقنية يمكن من خلالها حجب المواقع غير المرغوب فيها
بصورة محكمة ومضمونة؟
- لا توجد هناك تقنية لحجب المواقع تعطي نتيجة مضمونة مائة في المائة،
لان كل موقع او منتدى من السهل اختراقه، والطريقة الوحيدة في جهة حكومية او اي
مؤسسة عمل هي الغاء خدمة التصفح او البريد الالكتروني او الدردشة بشرط عدم
الاستثناء، وهذه العملية اشبه بالغاء الصفر الدولي من خط الهاتف لاننا من خلالها
نضمن تماما عدم اجراء اي مكالمة خارجية، ولكن يبقى هذا الاجراء محدودا جدا لمن
يريد الحجب الشامل والمضمون لموقع او مجموعة مواقع، وعليه فمن يرد الحجب المضمون
فليس امامه سوى الغاء خدمة الانترنت بأكملها من الكويت، وهذا الامر بحد ذاته
مستحيل بقدر ما الحجب المضمون ايضا مستحيل.
غير مجد
هل نمتلك في الكويت الامكانات الكافية للحجب او المحاسبة لمن
يتجاوزون الخطوط الحمراء؟
- لا نملكها وهناك الكثير من الدول حاولت وبذلت الكثير وفي النهاية
فشلت فالمعلومة تصل من خلال قيام شخص واحد يقوم باختراق الحجب وينسخ ما يدور حوله
جدلا ويقوم بلصقه في منتدى او موقع آخر مع ذكر المصدر وهكذا يكون الهدف الرئيسي من
الحجب غير محقق، وهناك دولة عظمى مثل الصين لجأت الى طريقة جديدة بعد ان يأست من
سياسة الحجب، وهي توقيع اتفاقيات ثنائية مع جهات مثل قناة (سي. إن. إن) الاخبارية
بحيث تلزم تلك القناة في موقعها الالكتروني باللغة الصينية بعدم نشر محتويات مسيئة
للصين، ومن المهم ان اذكر ان طريقة الحجب لبعض المواقع الاخبارية التي تحتاج الى
التمويل تعتبر مجدية لان المعلن لا يريد وضع اعلاناته في مواقع لا يدخلها سوى
النخبة من التقنيين بل يريد العامة الذي يدخلون على المواقع بضغطة واحدة.
واما بالنسبة لملاحقة من يسىئون الى الآخرين فمن الممكن ملاحقتهم
قضائيا اذا تم الحصول على دليل تقني.
وتخصصي هو مدقق نظم معلومات وظيفتي تتبع المعاملات الالكترونية ومنذ 6
سنوات وانا اعمل في مثل هذا الامر ونجحنا.
تخصص مهم
وما مكانة اهمية هذا التخصص في ظل التوجه لانشاء حكومة الكترونية؟
- الامثلة كثيرة ولكن تخيل عندمايوضع الملف الشخصي والامني والصحي لاي
مواطن على الانترنت وايضا قبل ذلك، فلو حصل عبث ما لمصلحة ذلك المواطن او ضده في
هذه الحالة من سيعرف ويتتبع اثر الفاعل انه تخصص مدقق نظم المعلومات الذي سيعرف من
تلاعب ببيانات المواطن، ومع الاسف فان ديوان المحاسبة وحتى اليوم لايزال يعتمد في
عمله على التدقيق المالي والاداري، ومن الضروري ان يدخل التدقيق التقني في حسابهم
قبل انشاء الحكومة الالكترونية.
الفشل
برأيك القانوني ما مصير توجه وزارة الاعلام لتكون جهة ترخص بانشاء
صحف الكترونية؟
- عندما توضع القوانين او تشرع يوضع بالحسبان لصحتها ان يكون اعمال
تطبيقها ممكنا، ومثل هذا التوجه او مشروع القانون او اللائحة المنظمة ايا كان
الامر، مصيره الفشل لأن وزارة الاعلام لن تستطيع ان تنجح فيما فشلت فيه الولايات
المتحدة الاميركية التي اخترعت الانترنت نفسه، عندما حاولت ضبط تداول المعلومات
والانترنت ضمن حملتها لمكافحة الارهاب، واذا اعتقد اي احد انه بالامكان اجبار اي
شخص على طلب ترخيص لانشاء موقع على الانترنت من اي جهة رسمية اقول له انت واهم ومخطئ.
القبس