متابعات إعلامية / تريم / كتب / عبد الله بن حميدان
موقع تريم الغنّاء
يشكل الإعلام في عصرنا الحاضر القوة الأكثر تأثيرا، بسبب التطور التكنولوجي
بتعدد وسائله (التلفزيونات ـ الصحف ـ الإذاعات) وأضحى الإعلام ركيزة أساسية في
بناء الدولة، ولأن "الإعلام أداة فاعلة ومنظومة متكاملة "، فلا بد من
تفعيل أداءه لترسيخ بناء الدولة وترسيخ الثوابت الوطنية لدى مواطنيها.
لايزال الإعلام
اليمني للأسف يغرّد خارج السرب بتناقضات لا حصر لها تثبت مدى رداءة واقعنا
الإعلامي الذي أدمن على اجترار التراجع والتقوقع على ذاته المستهلكة، فنحن في
اليمن لا نعاني من محدودية الوسائل بقدر مانعاني من سوء استخدامها.
القنوات الفضائية:
أكثر من 12 قناة فضائية بين الحكومية والخاصة لدينا في اليمن،
لكن بصفة عامة لا تزال جميعها ترزح تحت وطأة المحسوبية ولم تخرج بعد من عباءة
التبعية وصارت تجاهر بالابتعاد عن المهنية بوسائل فاضحة تعري القيمة الفضلى
للإعلام.
قنواتنا
الحكومية بدلا من أن تعين المواطن على معايشة العصر والتفاعل معه باتت تصدر له
المزيد من الغثيان الرسمي بطريقة مستفزة، حيث البرامج الباهتة والمسلسلات المحلية
فارغة المضمون، مع أن الأعداد البشرية المهولة المتواجدة في تلك الفضائيات قادرة
على صناعة مواد ذات قيمة، لكن الإخلاص تلاشى من تلك القنوات في ظل انقراض مبدأ
الثواب والعقاب من القاموس اليمني.
حسب المعلومات المتوفرة لدي، فإن الفضائية اليمنية القناة
الرسمية الأولى في البلد تملك لوحدها (1500) بين موظف ومتعاقد، رقم مهول للغاية
لكن هذه الأعداد تعودت على أن تبقى تمارس دور الكمبارس وتعتمد على أعمالها الخاصة.
القنوات الخاصة
تتمتع بشي من الانفتاح والمواكبة وصناعة مواد ذات قيمة ضمنيا، لكن لاتزال هي
الأخرى تعيش على نمط القنوات الحكومية حيث تسعى غالبا لتنفيذ أجندة معينة على حساب
قضايا جوهرية ووطنية، ويبقى بلا شك محدودية المصداقية والموضوعية أبرز عوائق
الإعلام اليمني.
الصحف والإذاعات:
تعج اليمن بالعشرات بل ربما المئات من الصحف الورقية
والإلكترونية، إلا أن مجمل هذه الصحف تبحث على الإثارة والقيمة المادية أكثر من أي
شيء آخر، وللأسف لم تواكب الصحف الورقية في بلادنا التطور الحاصل في بلدان العالم،
فضلت معظمها صحف تقليدية نافرة لا تمتلك عناصر الجذب للمتابع، ومع اعترافي بمدى
القيمة المهنية التي تقدمها بعض الصحف إلا أن معظم الصحف اليمنية الورقية تفتقر
إلى عوامل الجذب الحديث من ناحية التناول الراقي وجودة الأوراق وبهاء الألوان
وروعة الإخراج الفني.
أما الحديث عن المواقع الالكترونية في اليمن فإنه حديث ذو
شجون، حيث تتكاثر المواقع الالكترونية تماما مثلما يتكاثر البعوض دون حسيب أو
رقيب، فعلى الرغم من أن الصحافة الالكترونية اليمنية انظمت إلى عالم النت منذ فترة
قصيرة ولكنها بالرغم من عمرها القصير أثبتت أنها اليوم الأكثر تأثيرا والأكثر
متابعه من القارئ اليمني.
لكن للأسف الشديد أكثر هذه
المواقع ــ من وجهه نظري ــ لا تتمتع بالاستقلالية فهي تمارس خداع القراء حيث أن
هذه المواقع تتبع أحزاب في الداخل اليمني سواء كانت من السلطة أو المعارضة، لتحقيق
بعض المكاسب الإعلامية أو الأهداف الحزبية أو السياسية أو الفئوية أو الايدولوجية
أو المذهبية على حساب الحقيقة.
أما
الإذاعات المحلية فلا تزال تعيش في جلباب الرسمية، حيث التمجيد للحاكم والعزف على
أوتار الوطنية مع الاعتراف بكمية بعض البرامج المتميزة كشواذ لقاعدة التجديف في
بحر الرسمية، وبرأيي الإعلام اليمني بحاجة الى إعادة تدوير وسن بعض القوانين
المنظمة، التي من شأنها أن تسهم في حدوث نقلة نوعية للإعلام اليمني الأقل متابعة
وتأثير على المستوى المحلي والعربي.